بشارات التوراة
البشارة الأولى:
- {أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به}.
فى هذا العدد يخبر الله موسى بأنه سيجعل من وسط إخوة بنى إسرائيل نبياً مثله فيكلم الناس بكل ما يوصيه به الله، أى أن هناك نبياً منتظراً وله أوصاف سبق ذكرها فى الآية. وهكذا فَهم المسيحيون وقالوا: "المسيح هو النبى المنتظر "وزادوا" بل هو رب الأنبياء".(1)
ولكن نجد أن البشارة بالنبى تخص محمد وليس المسيح، وحتى لا يكون الكلام من وحى الخيال، أو ادعاءًا كاذباً، أو إعمالاً للنص تبعاً للهوى، فعلينا دراسة النص وتطبيقه عملياً على كل من المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام... ولنبدأ بالتطبيق:... لقد جاء فى النص أوصاف لهذا النبى المنتظر وهى:
1-من وسط إخوتهم.
2-مثلك.
3- اجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به.
- أما عن الوصف الأول للنبى المنتظر (من وسط إخوتهم)، نجد أن هذا الوصف ينطبق على محمد ولا ينطبق على المسيح، حيث أن كلمة (إخوتهم) تعنى إخوة من؟ إخوة بنى إسرائيل. ومن هم إخوة بنى إسرائيل؟ بنو إسماعيل، وبرهان ذلك فى التوراة إذ قال الله عن إسماعيل: "وأمام جميع إخوته يسكن".21:16 التكوين، وجاء أيضاً: "و أوص الشعب قائلا أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير". 4:2 التثنية
فنفهم من الأعداد أن المراد من (إخوتهم) أبناء العمومة .. فإن أصر أحد وقال: إن المقصود بـ (إخوتهم) بنى إسرائيل. لكان لزاماً أن تأتى الصيغة: من وسطهم وليس من وسط إخوتهم.ونجد ذلك فى القرآن إذ قال الله مخاطباً العرب: {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.الآية 164 آل عمران وجاء أيضاً: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}.الآية 151 البقرة، وبما أن محمداً من بنى إسماعيل، وهم المعنيين فى الآية، نجد أن النبؤة المذكورة هى للنبى محمد، وسوف يأت الدليل على ذلك من التوراة ذاتها.
- وأما عن الوصف الثانى (مثلك)، نجد أنه ينطبق على محمد ولا ينطبق على المسيح،حيث أن كلمة (مثلك) تعنى مثل موسى. والسؤال: مَن مثل موسى، محمد أم المسيح؟
والجواب يحتاج إلى مقارنة بين موسى والمسيح ومحمد ليتضح أيهما أشبه بموسى.. وها هى أوجه المقارنة :
موسى :- ولد من أب وأم (بشريين) - هو نبى (طبقاً للعقيدة الإسلامية) - مات - يرقد فى قبره - مقبول فى بنى إسرائيل - دعا إلى توحيد الإله - عبد الله - صاحب معجزات - أتى بشريعة جديدة - رعى الأغنام - تزوج وأنجب
محمد :- ولد من أب وأم (بشريين) - هو نبى (طبقاً للعقيدة الإسلامية) - مات - يرقد فى قبره - مقبول لدى العرب - دعا إلى توحيد الإله - عبد الله - صاحب معجزات - أتى بشريعة جديدة - رعى الأغنام - تزوج وأنجب
المسيح :- ولد ا من أم دون أب (بشرى) - هو إله او ابن إله (طبقاً للعقيدة المسيحية) - صُلب المسيح (طبقاً للعقيدة المسيحية) - قام من قبره (طبقاً للعقيدة المسيحية) - إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله - دعا إلى عقيدة التثليث (طبقاً للعقيدة المسيحية) - الله و ابن الله (طبقاً للعقيدة المسيحية) - صاحب معجزات - لم يأتِ بشريعة جديدة - لم يرعَ الأغنام - لم يتزوج
وبعد تلك المقارنة نستدل بقول الأب (أنطونيوس فكرى). وهو يحاول إثبات أن النبى المنتظر فى هذه الآية هو المسيح، فيقول: "هذه الآيات هى أوضح ما قيل فى نبوات موسى عن المسيح".، وبعد أن قام بمقارنة بين موسى والمسيح يأتى قوله: "لكن يجب ألا ننسى أن موسى نبى أرسله الله أما المسيح فابن الله، وموسى كان له ضعفاته أما المسيح فلم يكن له خطية، وشفاعة المسيح دائمة أبداً وهى شفاعة كفارية أما شفاعة موسى هى شفاعة توسلية".(2) ،وذلك بالرغم أنه ذكر من أوجه الشبه بين موسى والمسيح أن: "موسى كان نبياً وكذلك المسيح"، فترى التناقض بين إثباته صفة النبوة لكليهما ثم نفيه لها فى المسيح!، وتراه أيضاً يرفض التشابه بينهما فى الخطية وفى الشفاعة!!.
ولعلنا لسنا فى حاجة إلى ما تم ذكره إذا أتينا بما أشرنا إليه سابقا، بنص التوراة ومن ذات السفر –سفر التثنية – لنفى تلك النبوة عن المسيح صراحة، حيث جاء: {ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه}. فنحن إن فهمنا أن (من وسط إخوتهم) تعنى: من وسط بنى إسرائيل، فتلك الآية تنفى هذا الفَهم!!.
وبعد تلك المقارنة نستدل بقول الأب (أنطونيوس فكرى). وهو يحاول إثبات أن النبى المنتظر فى هذه الآية هو المسيح، فيقول: "هذه الآيات هى أوضح ما قيل فى نبوات موسى عن المسيح".، وبعد أن قام بمقارنة بين موسى والمسيح يأتى قوله: "لكن يجب ألا ننسى أن موسى نبى أرسله الله أما المسيح فابن الله، وموسى كان له ضعفاته أما المسيح فلم يكن له خطية، وشفاعة المسيح دائمة أبداً وهى شفاعة كفارية أما شفاعة موسى هى شفاعة توسلية".(2) ،وذلك بالرغم أنه ذكر من أوجه الشبه بين موسى والمسيح أن: "موسى كان نبياً وكذلك المسيح"، فترى التناقض بين إثباته صفة النبوة لكليهما ثم نفيه لها فى المسيح!، وتراه أيضاً يرفض التشابه بينهما فى الخطية وفى الشفاعة!!.
ولعلنا لسنا فى حاجة إلى ما تم ذكره إذا أتينا بما أشرنا إليه سابقا، بنص التوراة ومن ذات السفر –سفر التثنية – لنفى تلك النبوة عن المسيح صراحة، حيث جاء: {ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه}. فنحن إن فهمنا أن (من وسط إخوتهم) تعنى: من وسط بنى إسرائيل، فتلك الآية تنفى هذا الفَهم!!.
- وأما عن الوصف الثالث للنبى المنتظر وهو (اجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به)، فالوصف هنا مشترك بين المسيح ومحمد، ولما لا وقد كان كلاً منهما نبياً يُبّلغ ما أَوحَى إليه ربه، وقد جاء فى الإنجيل: {لأني لم أتكلم من نفسي لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول و بماذا أتكلم- و أنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية فما أتكلم أنا به فكما قال لي الأب هكذا أتكلم}.49:12-50 يوحنا، وفى المقابل جاء فى القرأن: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى .. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.النجم: 3- 4، وأيضاً حينما طلبوا من محمد أن يبدل من آيات القرآن ما يجعلهم يتبعوه، فقال الله لمحمد: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.. قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ .. فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ }.يونس: 15- 17
ومن تتبع الآيات التالية من ذات الإصحاح، يجد أن فيها إشارات إلى محمد وما جاء به، فالآيات تقول: {و يكون أن الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمي أنا أطالبه... و أما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم ألهة أخرى فيموت ذلك النبي}. 19:18-20 التثنية
ونلاحظ أن الجملة (الذى يتكلم به باسمى) تثبُت فى حق محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن كل سورة فى القرآن بدأت
بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) عدا سورة واحدة من إجمالى 114 سورة، وهى سورة التوبة وذلك لأنها كانت آخر ما نزل على النبى محمد من القرآن، وقد مات دون أن يتبين أصحابه منه: هل هى تكملة لسورة أخرى أم أنها سورة جديدة؟.
وعن وعيد الله لمن يتكلم من الأنبياء من قبل نفسه أو باسم آلهةً أخرى، فيقابله وعيد الله الشديد فى القرآن لذات الأمر، عند قول الله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ.. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ.. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}.الحاقة: 44- 46
وجاء فى تفسير الآية لدى علماء المسلمين: "{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} أي: لو تكلَّف محمد أن يقول علينا ما لم نقله، {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي: لأخذناه بالقوة والقدرة، {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}: وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى: ومات صاحبه."(3)
ومن تتبع الآيات التالية من ذات الإصحاح، يجد أن فيها إشارات إلى محمد وما جاء به، فالآيات تقول: {و يكون أن الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمي أنا أطالبه... و أما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم ألهة أخرى فيموت ذلك النبي}. 19:18-20 التثنية
ونلاحظ أن الجملة (الذى يتكلم به باسمى) تثبُت فى حق محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن كل سورة فى القرآن بدأت
بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) عدا سورة واحدة من إجمالى 114 سورة، وهى سورة التوبة وذلك لأنها كانت آخر ما نزل على النبى محمد من القرآن، وقد مات دون أن يتبين أصحابه منه: هل هى تكملة لسورة أخرى أم أنها سورة جديدة؟.
وعن وعيد الله لمن يتكلم من الأنبياء من قبل نفسه أو باسم آلهةً أخرى، فيقابله وعيد الله الشديد فى القرآن لذات الأمر، عند قول الله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ.. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ.. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}.الحاقة: 44- 46
وجاء فى تفسير الآية لدى علماء المسلمين: "{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} أي: لو تكلَّف محمد أن يقول علينا ما لم نقله، {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي: لأخذناه بالقوة والقدرة، {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}: وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى: ومات صاحبه."(3)
البشارة الثانية:
- {وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أباركه و أثمره و أكثره كثيرا جدا اثني عشر رئيسا يلد و أجعله أمة كبيرة}.20:17 التكوين
-{ وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك}.13:21 التكوين
- {قومي احملي الغلام و شدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة}.18:21التكوين
-{ وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك}.13:21 التكوين
- {قومي احملي الغلام و شدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة}.18:21التكوين
فإذا كانت تلك الآيات من سفر التكوين؛ تخبر عن الله: أنه سيجعل من نسل إسماعيل أمة كبيرة عظيمة، فعلينا أن نعود بالتاريخ إلى زمن الإخبار بتلك النبوءات حتى يتسنى لنا معرفة مدى صحتها أم لا؟!.
قد جاء فى كتاب (الجواب) أن: "تاريخ البدء فى كتابة الكتاب المقدس يرجع إلى أكثر من 3500 سنة مضت حيث دُعى موسى ليكتب أول الأسفار المقدسة حوالى سنة 1512ق.م.".(4) ، وهذا التاريخ هو تاريخ تدوين الكتاب المقدس وليس تاريخ إخبار الله لإبراهيم وهاجر بتلك البشارة عن ابنهم إسماعيل ونسله، فلعله يزيد على هذا التاريخ بأكثر من 500 سنة هى عدد السنوات بين ولادة اسماعيل وتدوين موسى لأسفار الكتاب المقدس، فإن سار هذا التاريخ إلى أن يمضى بنا حتى بعثة النبى محمد ونُزول الوحى عليه وبدء تبليغه للدعوة المكلف بها من قبل الله، سنجد أن تلك النبوءة لم تكن لتتحقق إلا بمحمد رسول الله، فكم من السنين سبقت محمد حتى زمن إبراهيم، ولم يكن للعرب اسم ولا كيان ولا ذكر وسط الأمم.
وفى هذا المقام يقول العالِم الأمريكى (مايكل هارت) (5): "ولكن الرسول استطاع لأول مرة فى التاريخ، أن يوحد بينهم وأن يملأهم بالإيمان وأن يهديهم جميعاً بالدعوة إلى الإله الواحد، ولذلك استطاعت جيوش المسلمين الصغيرة المؤمنة أن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت أقدام المسلمين من شمالى شبه الجزيرة العربية وشملت الإمبراطورية الفارسية على عهد الساسانيين وإلى الشمال الغربى واكتسحت بيزنطة والإمبراطورية الرومانية الشرقية... وكان العرب أقل بكثير جداً من كل هذه الدول التى غزوها وانتصروا عليها... ورغم ذلك فقد استطاع هؤلاء البدو المؤمنون بالله وكتابه ورسوله، أن يقيموا إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسى، وهى أعظم إمبراطورية أقيمت فى التاريخ حتى اليوم... وإذا استعرضنا التاريخ... فإننا نجد أحداثاً كثيرة من الممكن أن تقع دون أبطالها المعروفين.. مثلاً: كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية عن إسبانيا دون أن يتزعم حركاتها الاستقلالية رجل مثل (سيمون بوليفار)..هذا ممكن جداً، على أن يجىء بعد ذلك أى إنسان ويقوم بنفس العمل... ولكن من المستحيل أن يقال ذلك عن البدو...وعن العرب عموماً وعن إمبراطوريتهم الواسعة، دون أن يكون هناك محمد.. وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وإيمان الجميع به".(6)
البشارة الثالثة:
قد جاء فى كتاب (الجواب) أن: "تاريخ البدء فى كتابة الكتاب المقدس يرجع إلى أكثر من 3500 سنة مضت حيث دُعى موسى ليكتب أول الأسفار المقدسة حوالى سنة 1512ق.م.".(4) ، وهذا التاريخ هو تاريخ تدوين الكتاب المقدس وليس تاريخ إخبار الله لإبراهيم وهاجر بتلك البشارة عن ابنهم إسماعيل ونسله، فلعله يزيد على هذا التاريخ بأكثر من 500 سنة هى عدد السنوات بين ولادة اسماعيل وتدوين موسى لأسفار الكتاب المقدس، فإن سار هذا التاريخ إلى أن يمضى بنا حتى بعثة النبى محمد ونُزول الوحى عليه وبدء تبليغه للدعوة المكلف بها من قبل الله، سنجد أن تلك النبوءة لم تكن لتتحقق إلا بمحمد رسول الله، فكم من السنين سبقت محمد حتى زمن إبراهيم، ولم يكن للعرب اسم ولا كيان ولا ذكر وسط الأمم.
وفى هذا المقام يقول العالِم الأمريكى (مايكل هارت) (5): "ولكن الرسول استطاع لأول مرة فى التاريخ، أن يوحد بينهم وأن يملأهم بالإيمان وأن يهديهم جميعاً بالدعوة إلى الإله الواحد، ولذلك استطاعت جيوش المسلمين الصغيرة المؤمنة أن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت أقدام المسلمين من شمالى شبه الجزيرة العربية وشملت الإمبراطورية الفارسية على عهد الساسانيين وإلى الشمال الغربى واكتسحت بيزنطة والإمبراطورية الرومانية الشرقية... وكان العرب أقل بكثير جداً من كل هذه الدول التى غزوها وانتصروا عليها... ورغم ذلك فقد استطاع هؤلاء البدو المؤمنون بالله وكتابه ورسوله، أن يقيموا إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسى، وهى أعظم إمبراطورية أقيمت فى التاريخ حتى اليوم... وإذا استعرضنا التاريخ... فإننا نجد أحداثاً كثيرة من الممكن أن تقع دون أبطالها المعروفين.. مثلاً: كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية عن إسبانيا دون أن يتزعم حركاتها الاستقلالية رجل مثل (سيمون بوليفار)..هذا ممكن جداً، على أن يجىء بعد ذلك أى إنسان ويقوم بنفس العمل... ولكن من المستحيل أن يقال ذلك عن البدو...وعن العرب عموماً وعن إمبراطوريتهم الواسعة، دون أن يكون هناك محمد.. وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وإيمان الجميع به".(6)
البشارة الثالثة:
- {فقال جاء الرب من سيناء و أشرق لهم من سعير و تلألأ من جبال فاران و أتى من ربوات القدس و عن يمينه نار شريعة لهم}.2:33 سفر التثنية
يقول الآب (أنطونيوس فكرى) فى تفسير هذه الآية: "جاء الرب من سيناء = يقصد بمجيئه تجلى مجده وظهوره الإلهى فى سيناء عند إعطاء الشريعة المقدسة لشعبه.. وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران= إن مجد الرب الذى تجلى على جبل سيناء بنار ورعود وبروق وأضواء لامعة وباهرة لم يقتصر ظهوره على جبل سيناء بل انعكست أضواؤه البهية على الجبال القريبة والبعيدة جبل سعير على الجانب الشرقى للعربة شمال شرق سيناء ومن رؤوس جبال سعير جبل هور... وجبل فاران هذا يقع فى جنوب فلسطين وكان يسكنها الإسماعيليين... ولاحظ التسلسل: سيناء حيث اسرائيل (أى نسل يعقوب).. ثم سعير حيث أدوم (أخو يعقوب).. ثم فاران حيث اسماعيل (عم يعقوب)."(7)
ولا خلاف فى أن الله تجلى لموسى عند جبل سيناء، وأيضا نجد أن ساعير= هو جبل في أرض يهوذا وجاء ذكره فى الكتاب المقدس على هذا النحو {وامتد التخم من بعلة غربا الى جبل سعير وعبر إلى جانب جبل يعاريم من الشمال هي كسالون ونزل الى بيت شمس وعبر الى تمنة}.15: 10 يشوع، وفى هذا إشارة إلى المسيح عليه السلام.
ونلاحظ أن الآب (أنطونيوس) أوضح لنا أن جبال فاران هى التى يسكنها الإسماعيليون، وهكذا ورد فى الكتاب المقدس مخبراً عن إسماعيل: {وسكن في برية فاران و أخذت له أمه زوجة من أرض مصر}.21:21 التكوين، والاختلاف فقط: أين تقع فاران هذه؟... فنجد أن اليهود والنصارى يذكورنها فى جنوب فلسطين عند إيلات، ولكنهم يعتبرونها جزء من شبه جزيرة سيناء، وفى هذا القول ما يعارضه فى الآتى:
1- أن الرب بذلك يكون قد مر بساعير فى فلسطين ,, قبل أن يمر بفاران!! فكيف هذا؟ والنص يقول أنه جاء
من سيناء ,, ثم أشرق من ساعير فى فلسطين ,, ثم تلألأ من فاران ,, ثلاثة أماكن مختلفة ومرتبة ترتيباً بحسب الوحى.
2- أنه جاء فى الكتاب المقدس ذِكر المكان الذى كان يقطنه الإسماعيليون: {وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو آشور أمام جميع إخوته نزل}.18:25 التكوين وحويلة. حسب قاموس الكتاب المقدس هى: "مقاطعة في بلاد العرب, يسكن بعضها الكوشيون ويسكن البعض الآخر اليقطانيون.. والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن آخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها".(8) ، وشور. أيضاً حسب قاموس الكتاب المقدس هى: "موضع في البرية جنوب فلسطين أو على الأخص جنوب بئر لحي رئي وشرق مصر".(9) فنجد أن الإسماعيليين حسب الآية المذكورة وحسب قاموس الكتاب المقدس: كان مسكنهم ما بين اليمن جنوباً وخليج العقبة شمالاً، وتلك المنطقة تسمى ببلاد الحجاز أو جبال الحجاز، وراجع خريطة شبه الجزيرة العربية.
3- أن برية فاران التى فى سيناء ذُكر فيها: أن موسى وبنى إسرائيل عند خروجهم من مصر نزلوا بها: {وبعد ذلك ارتحل الشعب من حضيروت و نزلوا في برية فاران}16:12 العدد، وقد ورد فى قاموس الكتاب المقدس: {وفي هذه البرية تنقل بنو إسرائيل 38سنة}.(10)
4- أن داوود قد أقام بها: {وقام داود و نزل إلى برية فاران}.1:25صمويل الاول
5- أن (هدد الآدومى) خصم سليمان قد نزل بها: {وقاموا من مديان و أتوا إلى فاران و أخذوا معهم رجالا من فاران و أتوا إلى مصر}.18:11 سفر الملوك الاول
ومن تلك الآيات يظهر لنا أن فاران التى أقام بها اسماعيل ونسله ليست فاران الواقعة عند سيناء -وتجد ذلك فى قاموس الكتاب المقدس حين يذكر للكلمة الواحدة أكثر من معنى وأكثر من موضع-، وإلا فكيف يقطن بها الإسماعيليون ويحل عليها أجيال بنى إسرائيل من لدن موسى مروراً بداوود ثم سليمان وخصمه، ولم يكن هناك أى إشارة فى الكتاب المقدس من قريب أو بعيد إلى لقاء تم بينهم، أو إلى إقامة أقاموها سوياً، هذا بجانب أن الله
البشارة الرابعة:
- {هو ذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم}42 :1 أشعياء
فى تلك الآية إشارة واضحة لنبى مرسل من قبل الله، ولكن السؤال يكمن فى: من هذا النبى؟
وسوف ندع الجواب للقمص (أنطونيوس فكرى)، حيث يقول: "هوذا عبدى= فالمسيح أخذ شكل العبد وغسل الأقدام، بل قبل الإهانة من عبد رئيس الكهنة الذى لطمه. مختارى= المسيح هو الوحيد الذى يستحق هذا اللقب فهو قد قدم الكمال للإنسانية فأشبع رغبة السماء فى كمال الإنسان".(12)
وبعد أن اطلعنا على شرح الآية من القمص، نرى أنه قد حمّلَها ما لم تكن تَطيق، إذ ادعى للمسيح أنه عبد الله المختار، وكلنا يعلم علم اليقين أن المسيح فى العقيدة النصرانية: إله أو ابن إله، ولم تأتِ آية واحدة فى الإنجيل بأكمله تذكر أو تشير إلى أن المسيح عبد الله ، وكيف يكون المسيح إله وعبد لله فى آنٍ واحد!، أما من جهة أنه المختار، فنرى أن المسيح إذ تمثل فى هيئة بشر كما فى العقيدة النصرانية، ما كان مختاراً من قبل أحد، ولكن إلها فى هيئة ناسوت، وقد جاء فى إنجيل لوقا: {فليخلص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله}.35:23 لوقا، وفى هذا الموضع ينفى الشعب عن المسيح وصف المختار مستدلين على ذلك: بعدم استطاعته خلاص نفسه، وهنا فقط الإشارة الوحيدة فى الإنجيل لوصف المختار.
أما اذا طبقنا البشارة على النبى محمد فإننا سنجد أن محمد ذكر فى القرآن بصفة العبد فى كثير من الآيات، نذكر منها قول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. البقرة: 23
أما عن أنه مختار الله فقد قال النبى محمد صلى الله عليه وسلم مخبراً عن نفسه: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ".(13)
وأما عن روح الله، فجاء قول الله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ... عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ..}.الشعراء: 193- 194 وقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا}.النحل: 102
وعن الحق الذى سيخرجه للأمم، فقد ورد فى باب القرآن: كيف أن القرآن أتى ببراهين على أنه الحق من الله، واطلعنا على ما أقره علماء الغرب من غير المسلمين عن صحة نبوءات وإخبارات القرآن، مما دعا العديد منهم بأن يدخل فى الإسلام عن طواعية واقتناع تام.
- ولكى يتم التأكيد على أن النبى المشار إليه فى الآية هو النبى محمد، علينا أن نأتى بما جاء بعدها فى نفس الإصحاح، حيث جاء: {أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم}.6:42 أشعياء
فأما عن حفظ الله للنبى المرسل، فلم يكن المسيح محفوظاً من يد أعدائه، بل تمكنوا منه وصلبوه كما فى العقيدة النصرانية، ولكن اختلف الأمر بالنسبة لمحمد r، فقد حفظه الله من كيد أعدائه، ومنعه منهم طيلة حياته ولم يتوفاه الله حتى أتم ما أمره الله به فقال الله تعالى فى هذا الشأن: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.المائدة: 67... وتأتى إشارة الله إلى النور الآتى به هذا النبى فى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.الحديد:9 ... وقوله أيضا فى القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}.الأحزاب: 45- 46
وإذا لاحظنا آيات القرآن نجدها لا تخُرج محمدًا عن وصف نبى لله وعبد لله، وهو ما جاء فى شارة أشعياء السابق ذكرها عن النبى المرسل، حيث أنها لم تأتِ بإشارة من قريب أو بعيد عن أنه ابن إله أو إله.
البشارة الخامسة:
-{ لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا...ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر...الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على اعدائه.}42 : 11- 13 اشعياء
ففى هذه الآية وفى لفظ قيدار بالأخص أقوى إشارة إلى أن النبى المبشر به هو النبى محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أن: "قيدار= اسم سامي معناه (قدير أو أسود) وهو ابن إسماعيل الثاني (تك 25: 13). وهو أب لأشهر قبائل العرب وتسمى بلادهم أيضاً قيدار".(14) وهى مكة، وإلا فلِمَ يأتى لفظ قيدار وديارهم هنا بالأخص وما مناسبة ذكره فى الآية، فضلاً عن كل شخصيات وأماكن الكتاب المقدس... هذا بجانب أن سَالِع أو سِلَع هو جبل بقرب المدينة المنورة و أيضا جبل فى بلاد الأردن، فأما عنه وعن سكانه وترنمهم وهتافهم، فلا ينطبق إلا على سَالِع أو سِلَع الواقع فى المدينة وذلك لأمران... أولهما: أن لا علاقة لسالع الأردن بقيدار وديارهم، بل الأولى سالع المدينة. ثانيهما: أنه لم يكن هتافاً ولا ترنماً بسالع الأردن، بل الترنم والهتاف يكون برفع الآذان والتكبير والتهليل فى الحج لدى المسلمين، وأيضاً لأن سَالِع أو سِلَع كان سبباً فى انتصار المسلمين على أعدائهم فى غزوة الأحزاب (الخندق) وقد اجتمعوا عدداً وعُدة لقطع شأفة المسلمين... وهذا ما جاء فى البشارة (الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على اعدائه).
هذا بجانب تلك البشارة الخاتمة، حيث جاء فى سفر أشعياء{ وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين... هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان ارض تيماء و افوا الهارب بخبزه}21: 13- 14 أشعياء.، وهذا إخبار بوحى يأتى من جهة بلاد العرب، وتيماء حسب قاموس الكتاب المقدس والتى تسقى العطشى_إشارة إلى سقاية الحجيج- هى: "قبيلة اسماعيلية تسلسلت من تيما فكانت تقطن بلاد العرب"(15).، والددان حسب القاموس ذاته: " وكانت دَدان التي تقع بقرب تيماء مركزاً للتجارة في الجزيرة العربية. واسمها الحديث (العُلا) في وادي القرى في شمال الحجاز".(16)
فلعله ليس من قبيل الصدفة -فى الكتاب المقدس- عند الإشارة إلى النبى القادم أن تكون الآيات المبشرة به تشير إلى إسماعيل وذريته!، فى أكثر من موضع وبأكثر من صورة، وهذا لم يكن افتراءاً على الآيات، ولكن حقيقة ظاهرة فى آيات البشارة السابق ذِكرها، فإن أتينا بالآيات إلى جانب بعضها مع اختلاف مواضعها وأزمنتها فى الكتاب المقدس، سوف يكون الأمر واضح وجلي... وحى من جهة بلاد العرب، ماء لملاقاة العطشان، تيماء، ددان، قيدار وديارهم، سالع وسكنهم، هتافهم وترنمهم، النصرة على الأعداء، جبال فاران!!!
الفهارس :
1- تفسير الآب/ أنطونيوس فكرى للكتاب المقدس
1- تفسير الآب/ أنطونيوس فكرى للكتاب المقدس
2-تفسير الكتاب المقدس للآب/أنطونيوس فكرى
3- زاد المسير/ابن الجوزى
3- زاد المسير/ابن الجوزى
4-الجواب/جمعية الخدمة المسيحية العملية.ص7
5- ...عالم فلكى رياضى، وباحث فى التاريخ، يعمل فى هيئة الفضاء الأمريكية.
6- كتاب الخالدون مائة أعظمهم (محمد رسول الله) /ترجمة أنيس منصور.ص15،16،18عن كتاب (المائة: تقويم لأعظم الناس أثراً فى التاريخ/ مايكل هارت).
7- تفسير الكتاب المقدس للآب/أنطونيوس فكرى
9- المرجع السابق.
10- المرجع السابق.
11- تفسير بن كثير.
11- تفسير بن كثير.
12- تفسير الكتاب المقدس/ أنطونيوس فكرى.
13- صحيح مسلم.
14- http://www.albishara.org/
14- http://www.albishara.org/
15- المرجع السابق.
16- المرجع السابق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق