الأربعاء، 15 يوليو 2009

دعاوى زكريا بطرس فى الميزان

سؤال صريح جداًً!!
إذا كان دين الإسلام دينٌ باطل ... فهل يحتاج أحد علماء اللاهوت كالقمص زكريا بطرس فى محاولاته المتكررة لنقض هذا الدين ... هل يحتاج إلى التدليس والكذب والخداع لإثبات وجهة نظره؟!! لماذا لا يأتى بالأدلة الواضحة على إثبات بطلان هذا الدين؟!!!
ففى هذا الموضوع نجد كيف تكون شهادات القمص زكريا بطرس بصحة الإسلام دون أن يدرى!!!
- القرآن
1- القمص زكريا بطرس يخترع آية جديدة فى القرآن .
فيقول فى القرآن آية تقول: لا تكذبوا على الله و روحه!!! روح الله ( يقصد بها المسيح) !!! والآية كلها من اختراعه.
2- القمص زكريا بطرس ينسب للقرآن أخطاء نحوية مستدلاً بتفاسير علماء المسلمين ... ولكن مع التدليس !!!
فى قول الله: (إن هذان لساحران).
يتهرب من مناقشة ادعائه على الهواء مباشرة.
وفى قول الله: (لا ينال عهدى الظالمون)
- الأحاديث النبوية
1- القمص زكريا بطرس يدلس حديث شفاعة النبى محمد يوم القيامة ويدعى أن الحديث نسب الشفاعة للمسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام!!!
2- القمص زكريا بطرس يحاول جاهداً اتهام رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بالشهوانية ... ولكن بالكذب والخداع والتدليس على الأحاديث وكتب المسلمين!!!!
- الكتاب المقدس
لم يكتفى القمص زكريا بطرس بالإدعاء على الدين الإسلامى ورسوله ومصادر الشريعة به ( القرآن والأحاديث الصحيحة) ، لينتقل للتدليس على الكتاب المقدس ، فيدعى أن الإعجاز الذى أتى به القرآن فى أطوار الجنين ... قد سبقه به الكتاب المقدس مما يقرب من 1100 عام!!!! وهو لا يدرى أنه بذلك يشهد بصحة إعجاز القرآن فى أطوار الجنين، والذى شهد بصحته القاصى والدانى ،،، مع إثبات كذبه وتدليسه على الكتاب المقدس!!!!!!!!
وهذه إشارات قليلة ولكن هناك الكثير والكثير من أدلة إثبات كذب وتدليس القمص زكريا بطرس ، ليس إلا لخداع النصارى الذين يرغبون فى الإسلام وتشكيك جهال المسلمين فى دينهم!!!!!
وما زال القمص يشهد للقرآن ولرسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- دون دراية منه ، ولقد جائت الأخبار التى تؤكد اعتناق بعض النصارى بسبب اكتشافهم لكذبه وتدليسه!!!!
والآن علينا الجواب على السؤال المطروح فى بداية الموضوع: لماذا يحتاج مثل هذا القمص للتدليس على دين الإسلام وشريعته ورسوله ، إن كا باطلاً؟!!! ...و لماذا لم يأتى بالأدلة الواضحة على اثبات بطلان هذا الدين؟!!!
والجواب: لعدم وجود ما يثبت بطلان هذا الدين، احتاج مثل هذا القمص للتدليس والكذب والخداع ... على هذا الدين .....
وهناك أمور تثبت قولنا: ولكن نجدها فى الموضوع التالى إن شاء الله!!!!

الخميس، 9 يوليو 2009

أسرع الطرق وصولاً للحقيقة


اتبع الخطوات التالية تصل للحق...

ولكن كن صادقاً فى بحثك وإجابتك على الأسئلة إن أردت الحق ..... واعلم أن الأمر يحتاج إلى صبر ومشقة ... فأنت تبحث عن النجاة .. فأنت تبحث عن رضوان الله ...

1- ابحث فى أدلة ثبوت أن القرآن من قِبَل الله وأن محمداً رسول الله . . فى الماضى والحاضر.
2- ابحث فى أدلة صدق القرآن فيما نسبه للتوراة والإنجيل من تحريف.
3- ابحث فى أسباب مدح وشهادات غير المسلمين من المنصفين للإسلام.
4- ابحث فى أسباب الإختلاف بين نوعية المعتنقين للإسلام والمرتدين عنه ، من حيث مكانتهم العلمية والثقافية والسياسية والمادية فى الشرق والغرب.
5- سل نفسك: إذا كان هذا الدين باطل ... فلماذا يعتنقه يوماً بعد اليوم سادات الأقوام قبل ضعفائهم؟.
6- إذا كان هذا الدين باطل ... فلماذا يحتاج علماء اللاهوت كالقمص زكريا أن يدلسوا ويدّعوا كذباًً عليه؟.
7- إن كان المسيح هو الله أو ابن الله كما يدعى النصارى ... فلماذا لَم يَثبُت ذلك فى الكتاب المقدس ... وإن كان قد ثبت ... فلماذا يحتاجون إلى المجامع المسكونية والمحلية للإتفاق على شخصه : هل هو إله أم لا؟ ... ولماذا حتى بعد هذه المجامع ظلوا مختلفين فيه؟.

وفى الختام : إن أردت المساعدة نساعدك دون تحيز ولا تدليس ...

ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق ....

الأحد، 5 يوليو 2009

علاقة الإسلام بالإرهاب


الإرهاب والإسلام

إن مصطلح الإرهاب فرض نفسه على وسائل الإعلام وفى الأدبيات التى تعنى بالفكر الدينى أو السياسى أو القانونى أو الاجتماعى أو العسكرى، كما ظهرت وثائق ومواثيق تدور حول الموضوع، أو تعمل لاستكشاف الدلالة والفعل فيه.

الإرهاب: المصطلح والتعريف

إن مصطلح الإرهاب بدلالة سياسية لم يعرفه عالم المصطلحات العربية فى المعاجم القديمة، ولعله قد أخذ طريقه إلى الوجود -كما تؤكد المصادر– عند الفرنسيين من خلال ما جرى من وقائع عُنفية بعد الثورة الفرنسية، وحالات الكرَّ والفرَّ السلطوية التى أعقبتها فى أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، فكانت مصطلحات Terrorism (إرهاب- حكم إرهابى)، و Terrorist (إرهابى)، وقد أُطلق المصطلح الأخير على كل متمرد على السلطة، والذى يقترن تمرده بأعمال شغب وعنف ينتج عنها أذىً للآخرين.
أما عند العرب، فإن الفعل (رهب) يعنى خاف، والرهبة: مخافةٌ مع تحرُزٍ واضطراب، هذا فى لسان العرب والمعاجم القديمة.
أما فى المعاجم المعاصرة فإن المصطلح يظهر متأثراً بالمعاجم اللاتينية: ففى "المنجد": أرهبه= خوَّفه، والإرهابى= من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته، والحكم الإرهابى: حكم يقوم على الإرهاب والعنف. أما فى "الرائد" (لجبران مسعود): الإرهاب= رعبٌ تحدثه أعمال عنف كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب، والحكم الإرهابى نوع من الحكم الاستبدادى يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف بغية القضاء على النزعات والحركات التحررية أو الاستقلالية.
ولذلك نجد فى اللغة العربية أن الارهاب ليس منسجماً مع المصطلح المتداول حالياً، ولعل مصطلح العنف يعبِّر عن الأمر بشكل أدق، ففى "لسان العرب" (لابن منظور): العنف= الخرق بالأمر وقِلةُ الرِفقِ به، وهو ضد الرفق، واعتنف الأمرَ: أخذه بعنف. والتعنيف: التوبيخ والتقريع واللَّوم.(1)... وفى أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ ". (2) ... أما فى النص القرآنى فقد ورد الفعلُ أو الاسم فى ثمانية مواقع هى:
1- {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}. [البقرة: 40 ]

2- {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}. [الأعراف: 116]
3- {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}. [الأعراف: 154]
4- {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ...}. [الأنفال: 60]
5- {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}. [النحل: 51]
6- {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. [الأنبياء: 90]
7- {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}. [القصص: 32]
8- {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}. [الحشر: 13]

بمراجعة مواقع المصطلح فى النص القرآنى نجد أن ما ورد فى الأرقام 6،5،3،1 .جاء بمعنى الخشية والخوف من الله. فهو متعلق بالرهبة من الله وليس من غيره.،
- وأما النص القرآنى فى الرقم 7 فجاء المصطلح متعلقاً بحال موسى وما هو عليه من الخوف عندما أظهر له الله الآيات التى يخاطب بها بنى اسرائيل ونجد هذا فى الآية التى سبقتها مباشرة: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ}. [القصص: 31 ]، وفى الكتاب المقدس أيضاً: {فقال اطرحها إلى الأرض فطرحها إلى الأرض فصارت حية فهرب موسى منها} [4 : 3 سفر الخروج]

إذاً لم يتبقَ فى النصوص القرآنية التى ذُكر فيها مصطلح الرهبة سوى فى الأرقام 8،4،2 وهى التى نجد فيها ما يتعلق بموضوعنا.
- فى الرقم 2 كان المصطلح يخص إرعاب سحرة فرعون للشعب بما ساقوه من سحر عظيم عندما ألقوا عصيهم فصارت ثعابين وذلك فى قول الله: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}.، وجاء فى الكتاب المقدس: {طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين}.[7 : 12الخروج]

- فى الرقم 4 يكون معنى الآية: "وأعدوا -يا معشر المسلمين- لمواجهة أعدائكم ما استطعتم من قوة حربية شاملة لجميع عتاد القتال، من المرابطين فى الثغور وأطراف البلاد بخيلهم، لتخيفوا بهذا الإعداد والرباط عدو اللَّه وعدوكم من الكفار المتربصين بكم الدوائر، وتخيفوا آخرين لا تعلمونهم الآن واللَّه يعلمهم. لأنه لا يخفى عليه شئ". (3) ... ويشرح المعنى الآية التالية لها: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. [ الأنفال: 61] ... والتى ورد فى تفسيرها: "وإن مال الأعداء عن جانب الحرب إلى جانب السلم ، فاجنح لها -أيها الرسول- فليست الحرب غرضاً مقصودا لذاته عندك إنما أنت قاصد بها الدفاع لعدوانهم، وتحديهم لدعوتك. فاقبل السلم منهم، وتوكل على اللَّه، ولا تخف كيدهم ومكرهم إنه سبحانه هو السميع لما يتشاورون به، العليم بما يدبرون ". (3)
- فى الرقم 8 يكون معنى الآية: "لأنتم -أيها المسلمون- أشد مهابة فى صدور المنافقين واليهود من الله؛ ذلك لأنهم قوم لا يعلمون حقيقة الإيمان".(4) حيث أن الخطاب فى الآية كان للمسلمين زمن النبوة، عندما كانوا فى مواجهات مع يهود المدينة.

ففى هذا النص القرآنى تأكيد على أن الإرهاب معناه فى القرآن: إلقاء الخوف فى قلوب الأعداء، وهذا الخوف يدفعهم إلى التسليم، فعندما لا تكون حالات قتل، ولا تكون أية آثار سلبية، فإن الإعداد والتجهيز بمفرده كاف لإلقاء هذا الرعب فى قلوبهم، وفى هذا جاء حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِىَ النَّبِيُّونَ".(5)، وفى كثير من مواجهات جيش الإسلام فى زمن النبوة والخلافة الإسلامية كان تحقيق هذا المعنى، ففى فتح مكة ظهر هذا المعنى، عندما دخل النبى محمد وجيشه وهم فى كامل عُدَّتهم وعَدَدِهم، فتصف (كارين أرمسترونج) (6) هذا المشهد بقولها: "وفى مكة، خشى كبارها من غزوة استئصال لهم عندما علموا باقتراب جيش المسلمين... وذهل (أبو سفيان) من مرأى أعداد المسلمين فى صلاة الفجر، ثم تحركهم بعد ذلك صوب مكة، فأسرع (أبو سفيان) عائداً إلى مكة، وهناك جمع الناس قائلاً فيهم: "يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به." ، فكان فتح مكة فتحاً سهلاً يسيراً دون قتال عدا مناوشة صغيرة سرعان ما انتهت، وصفتها (كارين أرمسترونج) قائلة: "أرادت قلة من قريش القتال، فجمع (عكرمة وصفوان وسهيل) قوة صغيرة حاولت الهجوم على جناح (خالد بن الوليد) من الجيش الفاتح، ولكن سرعان ما انهزموا، وفر كل من صفوان وعكرمة خوفاً على حياتهما، أما سهيل، فقد ألقى سلاحه ودخل بيته، ودخل بقية الجيش الإسلامى مكة دون مقاومة".(7)
وكان فتح المسلمين للقدس مثالاً آخر على هذه الرهبة التى كانت فى قلوب خصومهم، فيقول القس الانجليزى (كولن تشابمان): "حين حاصرت جيوش المسلمين القدس سنة 638 م، أدرك (سفرونيوس) بطريرك القدس أنه سيضطر إلى التسليم، لكنَّه أصرَّ على أن يتم التسليم لأكبر شخصية فى الدولة الإسلامية وحين اقترب عمر كان يرتدى ثياباً مصنوعة من وبر الجمال، وكانت كلها متسخة وممزقة".(8)

ويصف الداعية الإسلامى (د.طارق سويدان) هذا اللقاء بقوله: "ولما رأى البطريرك هذا المنظر هاله وأرعبه، وعظم شأن الإسلام فى نظره، وقال لقومه إن أحداً فى الدنيا لا يستطيع الوقوف فى وجه هؤلاء القوم، فسلِّموا لهم تنجوا".(9)
ويؤكد هذا المعنى قول القس (كولن تشابمان): "وفى القدس، وُلدت المسيحية ثانية بدخول (عمر بن الخطاب) والإسلام، الذى أظهر رسالته وتسامحه حين تقابل مع (سفرونيوس) بمحبة، وقبول، واحترام، وعهد؛ عهد الله وعهد الإنسان لأخيه الإنسان".(10)

وحتى إن وقع قتال فى معارك أخرى للمسلمين على مر التاريخ فهى ليست تحت مسمى الإرهاب بأى حالٍ من الأحوال، وهذا ما يؤكده (سيدربرج) قائلاً: "إن القتال الذى يدور بين وحدتين مسلحتين متنافستين فى صراع قوة سياسى لا يعد إرهاباً، حتى ولو كان أحد الجانبين من رجال حروب العصابات أو أخذ خصمه على حين غرة، وأى حرب مهما كانت غير عادية ستبقى مجرد قتال ما دامت كلُّ الأطراف فيها مستهدفة ً بوسائل مميزة".(11)
وإذا كنا قد تعرفنا على مصطلح الإرهاب الوارد فى القرآن وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفتوحات المسلمين فى عهد النبى وبعد وفاته، وفى المعاجم العربية القديمة، فهل نجد هذا المعنى يتطابق مع معنى الإرهاب الحالى (والذى جاء تعريفه -فى بيان مجمع البحوث الإسلامية فى الأزهر الشريف 2001 م- كالتالى: "الإرهاب: هو ترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم، والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم، وكرامتهم الإنسانية، بغياً وإفساداً فى الأرض"؟... وهل فى القرآن أو السنة أو معارك وفتوحات المسلمين فى الماضى البعيد والقريب ما يتناسب مع هذا المعنى لمصطلح الإرهاب؟!
وأما عن الجماعات الإسلامية التى ظهرت فى الآونة الأخيرة بمسميات شتى، والتى كانت من أسباب اتهام الإسلام بالإرهاب، فالمستشرق البريطانى البروفيسور (فريد هاليداى) –الأستاذ بجامعة لندن– يناقش هذا الموضوع قائلاً: "إن هذه الجماعات ليست المعبرة عن روح الإسلام، وهى لا تقدم المبادىء الإسلامية، ولكنها تقدم ما يبرر ممارساتها العدوانية، وهذه الجماعات لا تمثل ظاهرة إسلامية بل تمثل قوى نشأت فى مجتمعات معينة كرد فعل للمشكلات التى تعانى منها هذه المجتمعات، وهى مشكلات اجتماعية وسياسية،كما أنها رد فعل لما تشعر به هذه المجتمعات من مخاطر الهيمنة الخارجية، وما تتعرض له من رياح التغيير الاجتماعى والثقافى وخاصة بالنسبة لتغيير الوضع التقليدى للمرأة السائد فى مجتمعات بدوية، ولذلك فإن الغرب يخطىء حين يستسلم لادعاء هذه الجماعات بأنها إسلامية، بدلاً من دراسة الظروف التى أدت إلى نشأة هذه الجماعات وهى ظروف خاصة بكل مجتمع من المجتمعات الإسلامية."(12)

شبهة: الإسلام يدعو أتباعه لممارسة الإرهاب

بعد هذا العرض لمفهوم الإرهاب فى الإسلام وتوضيح معنى الرهبة فى القرآن وفى أحاديث النبى محمد... يبقى سؤال: لماذا يُثار أن الإسلام يتضمن دعوة المؤمنين به لممارسة الإرهاب؟!

والجواب يبسطه لنا (هاليداى) فى قوله: "إن الخرافة الشائعة فى الغرب بأن الإسلام يتضمن دعوة المؤمنين به لممارسة الإرهاب، فإنه من المعلوم للدارسين للإسلام أنه لا توجد علاقة بين الدين الإسلامى والإرهاب، وعندما ظهر الإرهاب بمعناه المعاصر فى القرن التاسع عشر لم يكن المسلمون هم الذين روجوا له، وفيما بعد نشأ الإرهاب فى أيرلندا الشمالية، وسريلانكا، وغيرها من المجتمعات التى لا تدين بالإسلام، وإذا كان المقصود بالإرهاب هو النزعة للتعصب، وقمع المجموعات العرقية والدينية الأخرى، فسوف نجد فى تاريخ المجتمعات الإسلامية جرائم من هذا النوع، إلا أن المجتمعات الإسلامية ليست الوحيدة التى ظهرت فيها هذه الجرائم، فالمجتمعات الإسلامية لم تمارس التعذيب والإبادة العرقية لليهود، ولكن حدث ذلك فى الغرب فقط وفى ألمانيا النازية بالذات، كما حدث نفى اليهود الشرقيين من أسبانيا، واليوم نجد أن الشعوب الإسلامية التى تناضل من أجل تحرير أرضها ومن أجل الاستقلال هى المسئولة عن الإرهاب!!، فهناك فرق بين الإرهابيين والمقاتلين من أجل الحرية".(13)

الفهارس
1- لسان العرب/ ابن منظور ( كلمة: عنف)
2- صحيح مسلم
3- تفسير المنتخب
4- تفسير المنتخب / الأزهر
5- المرجع السابق.
6- صحيح مسلم.
7-...راهبة كاثوليكية إنجليزية،عنيت بدراسة الإسلام والدفاع عنه وعن رسوله، من مؤلفاتها(حياة محمد،محمد نبى لزماننا،الأصولية فى اليهودية والمسيحية والإسلام). 5- محمد نبى لزماننا / كارلين أرمسترونج ص 179
8- القدس لمن؟ القدس والصراع العربى الإسرائيلى/ القس:كولن تشابمان ص62
9- فلسطين التاريخ المصور/ د.طارق السويدان (طبعة الإبداع الفكرى – الكويت ص 84)
10- القدس لمن؟ القدس والصراع العربى.ص 73.
11- لا للإرهاب.نعم للجهاد/ د. أسعد السحمرانى ( طبعة دار النفائس- بيروت ص 16) نقلاً عن (سيدربرج ، بيتر.سي: م.س،ص56،57).
12- المنصفون للإسلام فى الغرب ص 41،42 – نقلاًعن (الإسلام والغرب/فريد هاليداى).
13- المنصفون للاسلام فى الغرب ص 38.



مفهوم القتال فى الإسلام


القتال فى الإسلام

إذا كان الجهاد –فى الإسلام– أعم من القتال... وكان القتال هو الجانب العنيف من الجهاد، وليس كل الجهاد.. فالقتال -فى الإسلام- هو الاستثناء الذى لا يجوز اللجوء إليه إلا لمدافعة الذين يفتنون المسلمين فى دينهم... أو يخرجونهم من ديارهم... ولقد كان منهاج الدعوة الإسلامية هو التجسيد لهذا المنهاج... ففى البداية... وبعدما تعرض له المسلمون من أذى فى عقيدتهم وأنفسهم وأموالهم وأهليهم، وفتنة عن دينهم، واضطهاد تصاعد حتى اقتلعهم من وطنهم –مكة– وجعلهم يهاجرون إلى يثرب (المدينة) -بعد هجرة العديد منهم إلى الحبشة- أذن الله -مجرد إذن- للمؤمنين فى القتال... فالإخراج من الديار، والفتنة فى الدين والاضطهاد والتعذيب، كل هذا كان سبباً فى تشريع القتال والإذن به، وذلك فى قول الله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. [الحج: 39- 40 ]

وعندما تطور الحال من "الإذن" فى القتال إلى "الأمر" به، جاء القرآن ليضع الإخراج من الديار سبباً لهذا الأمر بالقتال، فقال الله:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ.. فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [ النحل: 125- 128]

فهو قتال دفاعى، ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم، وفتنوهم فى دينهم، لتحرير الوطن الذى سلبه المشركون من المسلمين {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}.، ذلك لأن منهاج الشريعة الإسلامية فى الدعوة إلى الله وإلى دينه ليس القتال، وإنما هو الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.. وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}. [ البقرة: 190- 192].

بل لقد تميز الإسلام -فى هذا الميدان- برفضه فلسفة "الصراع" لأنه يؤدى إلى أن يصرع القوى الضعيف، وأحل محلها فلسفة "التدافع" الذى هو حراك يعدّل المواقف ويعيد التوازن والعدل وذلك فى قول الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.[ فصلت: 33- 35]... كذلك يرفض الإسلام الفلسفات التى اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان، وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه.. وقرر أن القتال هو الاستثناء المكروه، وليس القاعدة... وذلك فى قول الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}. [البقرة: 216] ، وليس هناك ما شرعه الله للمسلمين ووصفه أنه "كُرْه" سوى القتال!... ولما لا وقد قال الله: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.[المائدة: 32]... ولقد بينت أحاديث النبى محمد r -وأكدت– هذه الفلسفة الإسلامية إزاء القتال، فقال رسول الله:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ".(1) ... وحتى هذا القتال –الذى كُتب على المسلمين وهو كُره لهم– والذى وقف به الإسلام ودولته عند حدود القتال الدفاعى لحماية حرية العقيدة، وحرية الدعوة من الفتنة –التى هى أكبر من القتل المادى–، ولحماية حرية الوطن –الذى بدونه لا يُقام الإسلام-... حتى هذا القتال -الاستثناء والضرورة– قد وضع الإسلام ودولته له "دستوراً أخلاقياً" تجاوز فى سُموَّه كل المواثيق الدولية التى تعارف عليها المجتمع الدولى نظرياً، بعد أربعة عشر قرناً من ظهور الإسلام، وتطبيق المسلمين لقواعد الدستور الأخلاقى لهذا القتال.

وهذا الدستور الأخلاقى يتمثل فى ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنه إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ -أَوْ خِلاَلٍ- فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ".(2)، وتلك الخصال الثلاث هى: دعوتهم إلى الإسلام مع حفظ الأرواح والممتلكات، أو دفع الجزية مقابل حمايتهم، أو القتال.(3)

وقد صاغ أبو بكر الصديق -الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم- قواعد هذا الدستور الأخلاقى للقتال والحرب، فى وثيقة إسلامية، عندما أوصى قائد جيشه يزيد بن أبى سفيان (18 هـ/ 639 م) وهو يودعه أميراً على الجيش الذاهب لرد عدوان البيزنطيين فى الشام، فقال -فى وثيقة الوصايا العشر-: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم لله –الرهبان- فدعهم وما زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم له... وإنى موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيّاً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة، ولا بعيراً إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن".(4)

فكانت هذه -"وثيقة الوصايا العشر"- دستور الآداب الإسلامية وأخلاقيات القتال، عندما يُفرض على المسلمين القتال.(5)

وفى هذا الصدد نذكر ما جاء بسفر التثنية من التوراة؛ حين جاء: {حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح.. فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك.. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها.. واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف.. واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك}.[10:20- 14 التثنية]، يقول القمص (تادرس يعقوب المالطى) (6) شارحاً تلك الآيات: "بالنسبة للأمم البعيدة يرسل إليهم لإقامة عهود سلام، لا يجوز لهم أن ينزلوا فى معركة مع الجيران ما لم يقدموا أولاً إعلاناً عاماً، يطلبون فيه الصلح... حيث تكون شروط الصلح هى:

1-جحد العبادة الوثنية، والدخول إلى عبادة الله الحى.
2- الخضوع لليهود.
3-دفع جزية سنوية.

ومن لا يقبل هذه الشروط لا يبقون فى مدينتهم كائناً حياً متى كانت من الأمم السبع الكنعانية، أما إذا كانت من المدن المجاورة فيقتل الرجال ويستبقى النساء والأطفال مع الحيوانات وكل غنائمها. أما سبب التمييز فهو ألا يترك أى أثر فى وسط الشعب للعبادة الوثنية".(7)
وهذا نص واحد يسوق لنا كيف يتم فتح المدن ، وإنى لم أسوق إليكم عشرات النصوص التى ذكر فيه القتال فى الكتاب المقدس ، وكيف أنه كان هناك أمر من الله بالدمار الشامل للمدن ومن فيها، أطفال وشيوخ ونساء ورجال ، حتى الحيوانات لم تسلم من الأمر بإبادتها!!! ولعل من أراد أن يقرأ جزء من تلك النصوص فليراجع ( سفر يشوع من الإصحاح السادس إلى الحادى عشر).. !!

ولعل الفرق واضح تماماً بين ما يدعو إليه الإسلام وما يدعو إليه ما سواه.

الفهارس
1- متفق عليه.
2- مسلم
3- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
4- رواه البيهقى فى السنن الكبرى.
5- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
6-...كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس والأنبا أنطونيوس-أتاوا-كندا.
7- تفسير سفر التثنية.ص408/القمص تادرس يعقوب المالطى






مفهوم الجهاد فى الإسلام

الجهاد فى الإسلام

الجهاد فى اصطلاح العربية – كما جاء فى" لسان العرب" لابن منظور- هو: "استفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أَو فعل".(1)... فهو لا يقف عند "الفعل" فضلاً عن أن يكون هذا "الفعل" فقط هو "الفعل العنيف" –الحرب– دون سواه.

والجهاد فى الاصطلاح القرآنى "هو بذل الوسع فى المدافعة والمغالبة" فى كل ميادين المدافعة والمغالبة .. أى فى كل ميادين الحياة.. وليس فقط فى ميادين القتال... "وأكثر ما ورد الجهاد فى القرآن الكريم ورد مراداً به بذل الوسع فى نشر الدعوة الإسلامية والدفاع عنها".(2) .. وسبيل الدعوة الإسلامية هو الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن.. وليس بالقتال والإكراه والحرب الدينية المقدسة.. فميادين الجهاد الإسلامى الأكبر والأعظم والأغلب هى عوالم الأفكار والحوار... وكذلك جاء تعريف الجهاد "بالدعاء إلى الدين الحق" فى الكثير من موسوعات المصطلحات فى تراث حضارة الإسلام.(3)

فبذل الوسع واستفراغ الطاقة والجهد فى ميادين العلم والتعلّم والتعليم هو جهاد... وبذل الوسع واستفراغ الطاقة والجهد فى عمران الأرض-نهوضاً بأمانة الاستخلاف الإلهى للإنسان- هو الجهاد.. بل إن الرفق بالإنسان والحيوان والنبات والجماد –الطبيعة- هو جهاد.. وكذلك البر والإحسان إلى الوالدين والأقربين وأولى الأرحام هو جهاد.. كما أن الخشية لله ومراقبته وتقواه والتبتل إليه -سبحانه وتعالى- هى قمة من قمم الجهاد الذى فرضه الإسلام... ولهذه الحقيقة -حقيقة عموم الجهاد فى كل ميادين الحياة، وليس اختزاله فقط فى القتال- قَسَّمَ الراغب الأصفهانى(502هـ 1108م) "الجهاد" إلى ثلاثة أضرُب:

1- مجاهدة العدو الظاهر.. 2- ومجاهدة الشيطان.. 3- ومجاهدة النفس..

وتدخل ثلاثتها فى قوله –تعالى-: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}. [الحج: 78 ]، وقوله: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. [التوبة: 41]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}. [الأنفال: 72].

وإن كان القرآن ذكر الجهاد، فإن الموضع الوحيد الذى وصف فيه "الجهاد" بـ: (الكبير) -فى القرآن الكريم -كان حديثاً عن الجهاد بالقرآن -أى بالفهم والوعى والحوار بالحكمة والموعظة الحسنة- وليس حديثًاعن القتال باللسان:{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. [الفرقان: 52]
بل لقد جعلت السنة النبوية -وهى البيان النبوى للبلاغ القرآنى- من أفعال القلوب -وليس فقط الأيدى والألسنة- ميداناً من ميادين الجهاد الإسلامى... فعن عبد الله بن مسعود -رضى الله عنه- أن رسول الله قال: "ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى، إلا من أمتّه حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".(4)
كذلك جعلت السنة النبوية العلم والتعلم قريناً مساوياً للجهاد فى سبيل الله فعن أبى هريرة -رضى الله عنه- أن رسول الله r قال: "من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو يعلمه كان كالمجاهد فى سبيل الله".(5) .. وفى الحديث كذلك أن "الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله ".(6)، وكذلك بر الوالدين، هو ميدان من ميادين الجهاد الإسلامى، فعندما جاء رجل إلى النبى يستأذنه فى الجهاد، فقال له رسول الله r: "أحىٌّ والداك"؟... قال: نعم.... قال رسول الله:"ففيهما فجاهد".(7)

وكذلك الحال مع حراسة النفس من الشيطان، يعدها الإسلام ميداناً من ميادين الجهاد... فقال رسول الله r: "فالمجاهد من جاهد نفسه فى الله -عزوجل-".(8) ... وجعلت السنة النبوية الحج إلى بيت الله الحرام ميداناً من ميادين الجهاد الإسلامى -وفيه التجرد من الدنيا وقوتّها، بل وزينتها، والتعايش السلمى حتى مع الهوام وكل أنواع الحيوانات والنباتات-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحج جهاد والعمرة تطوّع".(9)

تلك هى حقيقة الجهاد الإسلامى، الذى هو بذل الجهد واستفراغ الوسع والطاقة، فى أى ميدان من ميادين الحياة، على امتداد هذه الميادين واتساعها وتنوعها، إن الجهاد الإسلامى ليس حرباً دينية مقدسة، لأن الإسلام ينكر ويستنكر أى حرب دينية، فالإيمان الإسلامى: تصديق قلبى يبلغ مرتية اليقين... وهو سر بين المؤمن وبين خالقه، لا يتأتى إلا بالفهم والعلم والإقناع والاقتناع، ولا يمكن أن يكون ثمرة لأى لون من ألوان الإكراه -فضلاً عن أن يكون هذا الإكراه عنفاً قتالياً- ولذلك فقد قرر القرآن الكريم القاعدة المحكمة والحاكمة :
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .[البقرة: 256].، والتى لا تعنى فقط "النهى" عن الإكراه فى الدين، وإنما تعنى -أيضًا- "نفى" أن يكون
هناك دين أو تدين عن طريق الإكراه!... إذ الإكراه يثمر "نفاقاً" -وهو أخطر من "الشرك" الصراع و"الكفر" البواح-... ولا يمكن أن يثمر "إيماناً" بحال من الأحوال.. ولذلك شاعت فى القرآن الكريم الآيات التى تقول للمخالفين:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}. [الكافرون: 6].، {فَمَنْ شَاءَفَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. [الكهف: 29 ] ، والتى تحدد مهمة الرسالة فى الاعتقاد: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}. [المائدة: 99] ، {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ.. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ}. [الغاشية: 21- 22 ] ، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}. [ق: 45] ، {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}. [الأنعام: 107]

وإذا كان الخلط بين الجهاد الإسلامى وبين الحرب الدينية المقدسة هو أثراً من أثار سوء الفهم للإسلام، أوسوء النية فى تصويرالإسلام... فإن هناك خطأ آخر يقع فيه الذين يختزلون الجهاد الإسلامى فى القتال الذى تحدث عنه القرآن الكريم، ومارسه المسلمون فى عصر النبوة ، وعلى امتداد تاريخ الإسلام.(10) ... وذلك أن الجهاد الإسلامى-الذى هو فريضة إسلامية- أعم من القتال-الذى شرعه الإسلام- فكل قتال جهاد وليس كل جهاد قتالاً ... إذ القتال هو الجانب العنيف من الجهاد، وليس كل الجهاد!

ولقد أدرك حقيقة مغايرة الجهاد الإسلامى للحرب الدينية المقدسة نفر من علماء الغرب، الذين تحلوا بالموضوعية والعمق والإخلاص فى دراساتهم للإسلام.. ومن هؤلاء العلماء كانت المستشرقة الألمانية الدكتورة (زيجريد هونكه) التى كتبت عنه فقالت: "إن الجهاد الإسلامى ليس هو ما نطلق عليه –ببساطة- مصطلح الحرب المقدسة ، فالجهاد " هوكل سعى مبذول، وكل اجتهاد مقبول، وكل تثبيت للإسلام فى أنفسنا، حتى نتمكن فى هذه الحياة الدنيا من خوض الصراع اليومى المتجدد أبداً ضد القوى الأمارة بالسوء فى أنفسنا وفى البيئة المحيطة بنا عالميّا، فالجهاد هو المنبع الذى لاينقص، والذى ينهل منه المسلم مستمداً الطاقة التى تؤهله لتحمُل مسئوليته، خاضعًا لإرادة الله عن وعى ويقين، إن الجهاد بمثابة التأهب اليقظ الدائم للأمة الإسلامية، من نظام اجتماعى إسلامى فى ديار الإسلام".(11)

وتلك هى حقيقة الجهاد الذى فرضه الله-سبحانه وتعالى- وجعله ذروة سنام الإسلام... والذى يكون جهاداً كبيراً عندما يكون فقهاً ووعياً وحواراً بالحكمة والموعظة الحسنة، انطلاقاً من القرآن الكريم: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. [الفرقان: 52]

الفهارس
1- لسان العرب / ابن منظور (كلمة :جهد)
2- هذا هو الإسلام ج2 ص 51/ د.محمد عمارة( طبعة مكتبة الشروق) – نقلاً عن (معجم ألفاظ القرآن الكريم/ مجمع اللغة العربية)
3- هذا هو الإسلام ج2- نقلاً عن ( التعريفات /الجرجانى)
4- رواه مسلم
5- متفق عليه.
6- متفق عليه
7- متفق عليه
8- رواه الترمذى والإمام أحمد.
9- رواه ابن ماجه.
10- هذا هو الإسلام ج2 ص 51
11- المرجع السابق.ص56.