الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

برنامج لماذا أسلموا .... على قناة الرحمة الفضائية

مطالعة الآراء والمقترحات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوانا الفضلاء ... أخواتنا الفاضلات..
بخصوص برنامج/ لماذا أسلموا ... الذى يذاع على قناة الرحمة الفضائية كل أحد فى الثامنة مساءا ... نود أن نستطلع آرائكم ومقترحاتكم للرقى بالبرنامج على الوجه الأفضل..
لهذا رأينا أن نسأل عدة أسئلة ... نرجوا الإجابة عليها..
1- هل تشاهدون البرنامج؟
2- ما رأيكم فى البرنامج؟
3- ما الفائدة التى ترونها من استمرار البرنامج فى العرض؟
4- ما الحلقات أكثر تأثيراً على المشاهدين ؟
5- كم من الأخوة والأهل والأصحاب ... تعرفون أنهم يشاهدون البرنامج؟
6- ما السلبيات التى تجدونها فى البرنامج؟
7- ما المقترحات التى ترون أنها تكون سبباً فى رفع كفائة وفائدة البرنامج؟
أرجوا نشر الرابط والتعليق ... لعلنا نكون جميعاً سبباً فى الخير ... بارك الله فيكم.
نرجوا منكم تفضلاً أن تبدوا لنا

الأحد، 13 سبتمبر 2009

حجاب المرأة بين اليهودية والنصرانية والإسلام


حجاب المرأة.

لقد أثير فى الآونة الأخيرة قضية حجاب المرأة المسلمة على أنه حبس للمرأة، وعلامة من علامات الرجعية والتخلف، وأن الله لم يخلق المرأة لتتستر بل لتبدى وتظهر جمالها. وهذا الكلام ما أنزل الله به من سلطان، ولا أرى قائله إلا جاهلاً بما جاء فى الأديان الثلاث المنزلة، ولم يكن رأيه إلا دعوة لإشاعة العرى والسفور.. والذى نريد أن نبينه هنا؛ أن حجاب المرأة فى الإسلام لم يكن رمزاً من رموز الدين، بل هو واجب وفرض شرعى فرضه الله على نساء المسلمين كافة، تشريفاً لهن وعفافا لهن، وستراً لهن من أعين أصحاب الأغراض المختلفة، وإننا لنجد أن المرأة كلما تكشفت كان ذلك سبباً فى مضايقتها من الرجال عديمى المروءة والأخلاق. ولعلنا نبين فى السطور القادمة أن حجاب المرأة فى الإسلام؛ ليس إلا شرع شرعه الله فى أديانه المنزلة، وعرفه وعمل به أهل تلك الأديان، مذعنين لله بالخضوع التام فى كل ما أراد.

- حجاب المرأة فى التوراة:

ففي سفر التكوين عن (رفقة):{ أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق، فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائي، فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت }. [65:24 سفر التكوين]
وفى هذه الآية يقول القس (وليم مارش): "كانت العروس فى الشرق تُزف على زوجها محجبة الجسد كله وكان برقعها حينئذ أحمر والبرقع العادى أى فى غير أيام الزفاف أزرق أو أبيض".(1)
وفي سفر أشعيا نجد أن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن. بأن ينزع عنهن: زينة الخلاخيل والضفائر والأهلة والحلق والأساور والبراقع والعصائب. { وقال الرب من اجل ان بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الاعناق وغامزات بعيونهنّ وخاطرات في مشيهنّ ويخشخشن بارجلهنّ .. يصلع السيد هامة بنات صهيون ويعري الرب عورتهنّ .. ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل والضفائر والاهلة .. والحلق والاساور والبراقع .. والعصائب ....}
[ 16:3-20 إشعياء]

- حجاب المرأة فى الإنجيل:

جاء فى رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس: {وأما كل امرأة تصلي أو تتنبا و رأسها غير مغطى فتشين رأسها لأنها و المحلوقة شيء واحد بعينه... إذ المرأة إن كانت لا تتغطى فليقص شعرها و إن كان قبيحا بالمرأة أن تقص أو تحلق فلتتغط}. [5:11 رسالة بولس إلى كورنثوس] ... يقول الآب (أنطونيوس فكرى): "عدم تغطية المرأة لرأسها متشبهة بالرجال إعلان عن عدم اعتزازها بجنسها كامرأة"، ويقول فى حلق شعر المرأة: "إنه شئ غير مقبول... وإن كان هذا قبيحاً للمرأة (فالشعر الطويل هو جمال المرأة) فلتغط شعرها".(2)، ويقول: "شعر المرأة قد أعطى لها كغطاء طبيعى تغطى به رأسها، شعر المرأة هو جمالها لذلك يجب تغطيته حين تقف أمام الله".(3)

وفى رسالة بولس الرسول إلى أهل تيموثاس. جاء: { إن النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثمن... بل كما يليق بنساء متعاهدات بتقوى الله بأعمال صالحة}. [9:2 رسالة بولس إلى تيموثاس]

يقول الآب (أنطونيوس فكرى): "كانت تغطية رأس المرأة عادة شرقية، علامة على خضوع المرأة لرجلها، ومع التحرر الذى نادت به المسيحية، وأن المرأة مثل الرجل فى الرب، ظنت السيدات أنهن تحررن من كل شئ، فخلعن غطاء الرأس، فثار الرجال وأرسلوا لبولس شكوى بخصوص هذا الموضوع. وهنا نجد الرسول يؤيد تغطية المرأة لرأسها... وهنا نجد أن غطاء الرأس عادة شرقية ولكننا نجد الرسول يؤيدها طالما لا تتعارض مع الإنجيل، وكان النساء الشريفات يغطين رؤوسهن فى ذلك الوقت".(4)

- حجاب المرأة فى الإسلام

إن كان غطاء الرأس والبرقع –ما يستر الرأس وما يستر الوجه– قد ذُكرا فى التوراة والإنجيل وأن الأمر ليس ببدعة ابتدعها الإسلام، ولكنه من وسائل صيانة المرأة التى شرعها الله على مر الزمان. فِلمَ تدور الدوائر ولا ننظر إلا إلى ما ذكره الإسلام عن حجاب المرأة، صيانة لعفتها، وحفظاً لها من شر الأشرار وستراً لجمالها من أن تكون سلعة رخيصة ينظرها القاصى والدانى.

إن المرأة فى الإسلام لهى جوهرة ثمينة أراد الله حمايتها وصيانتها من عبث العابثين وكيد الكائدين، فلذلك أمر الله المرأة فى القرآن بأن تحتجب عن أعين الرجال ولا تظهر زينتها إلا إلى محارمها –الممنوع لهم الزواج منها على التأبيد– من أب وأخ وعم وخال وجد وابن وزوج، لأن نظرتهم لها ليست كنظرة الغريب عنها الذى ربما يشتهيها أو يفتن بها.. فجاء قول الله تعالى فى هذا الشأن على النحو التالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}. [الأحزاب: 33]

وجاء قوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}. [النور: 21]، وجاء قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}. [ الأحزاب: 59]، وجاء قوله: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}. [الأحزاب: 53]

فتلك هى شريعة الإسلام التى منعت الزنا فمنعت كل ما يفضى إليه من تبرج وسفور وكشف للعورات والزينات... وهكذا عرضنا كيف كانت معاملة الإسلام للمرأة، وكيف حافظ عليها وعلى ما لها من حقوق، وكيف كانت المعاملة لها معاملة سمحة ليس بها أى لون من ألوان الإساءة، بل رفع من شأنها ووضعها فى مكانة لم تحظى بها قبل مجيئه لا فى الشرق ولا فى الغرب، وكيف أن المرأة فى الغرب لم تحظى بما للمرأة المسلمة إلا فى زمن قريب، وإن كانت لم تحظى حتى الآن بكل ما للمرأة المسلمة من حقوق وواجبات.

الفهارس

1- السنن القويم فى تفسير أسفار العهد القديم/د.وليم مارش
2- تفسير العهد القديم/ انطونيوس فكرى
3- المرجع السابق
4- تفسير العهد القديم/ انطونيوس فكرى.

صور من تكريم الإسلام للمرأة


سماحة الإسلام مع المرأة


إذا تحدثنا عن المرأة فى الإسلام وما دار حولها من قضايا، نجد أنه لن يتحدث عن تلك القضايا خيرٌ من المرأة ذاتها، ولهذا آثرنا أن نترك المجال للمرأة لتتحدث عن نفسها، ولكى يكون الحديث خاليًا من التحيز للدين أو العِرق، فرأينا أن الأولى فى هذا الشأن أن يكون المتحدث لا ينتمى لا للدين ولا للعِرق، فالمتحدث هى (أنّا مارى شيمل)*. تلك الشخصية العالمية صاحبة الثقل والمكانة العلمية، والتى قضت عمرها فى دراسة الإسلام والدفاع عنه، وتدليلاً على ما تقوله شيمل؛ نأتى بنموذج آخر من النساء وهى الراهبة الكاثوليكية البريطانية (كارين أرمسترونج Karen Armstrong) والتى درست الأديان عن عمق، مما جعلها تُنَصِّب نفسها -أيضاً- مدافعة عن الإسلام ورسوله، ومصححة للصورة الخاطئة التى لدى الغرب عنهما.(1)

- المرأة والإسلام:

تقول (أنا مارى شيمل) فى هذا الصدد: "إن الفكرة السائدة فى الغرب بأن الإسلام يعادى المرأة فكرة خاطئة، بل إن فى الغرب مفكرين يقولون: إن المرأة فى الإسلام كائن بلا روح، ولكى نعرف كذب هذا الادعاء علينا إلى العودة إلى القرآن وسوف نرى أنه يسوِّى بين الذكر والأنثى، وبين المؤمنين والمؤمنات، ولم يفرق بينهم فى مجال الفرائض الدينية، وإذا قيل: إن المرأة نصف نصيب الرجل فى الميراث. فذلك لسبب عملى، فالمرأة حين تتزوج تحصل على مهر مناسب، والزوج هو المسئول شرعاً عن الإنفاق عليها، وهكذا تظهر العدالة فى توزيع الأعباء والمسئوليات وفى النهاية سنجد أن المرأة هى الرابحة.. وإننى أقول للغربيين الذين يشوهون صورة الإسلام: إن الإسلام منح المرأة حق الاحتفاظ باسمها، وبما تملكه من مال قبل زواجها، وبما تكسبه بعد الزواج، وهذا يتضمن حق المرأة فى أن تعمل وتكسب من أية مهنة أو تجارة، والمرأة فى أوروبا لم تتوصل إلى حق الاحتفاظ بما تملكه من مال بعد زواجها إلا منذ فترة قريبة.. وإننى كمؤرخة للأديان أقف بإعجاب عند الآية 187 من سورة البقرة والتى تحدد العلاقة بين الرجل والمرأة فى إطار الزواج: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}.[البقرة: 187] ، واللباس يعنى الذات أو النفس الأخرى، وبذلك يكون معنى الآية أن الرجل والمرأة يكمل كل منهما الآخر، وأن كلا منهما هو النصف الأفضل للآخر، وأعتقد أنه يجب تسليط الضوء على هذه الآية عند الحديث عن مكانة المرأة فى الإسلام، لأن هذه الآية تؤكد المساواة بين الرجل والمرأة بما لا يدع مجالاً للشك.(2)

وتقول (كارين أرمسترونج): "لم تكن النساء قبل الإسلام تستطيع أن تمتلك شيئاً فى بلاد العرب، فكل الثروات لدى ذكور العائلة، إلا فى مكة حيث كان الناس مختلفين قليلاً عن بقية الجزيرة، فاستطاعت بعض النساء الحصول على المواريث والاحتفاظ بالثروات وإدارتها بالتجارة أو غير ذلك، وكانت خديجة مثالاً، وإن كان نادراً فى مكة، وليس له مثيل فى المدينة. سخر معظم الرجال من فكرة أن ترث المرأة أو تدير أموالها. ليس للنساء حقوق شخصية، كيف يكون لهن؟ وباستثناءات قليلة، لم يفعلن شيئًا لمصلحة الاقتصاد، ولم يشاركن فى الغزو، فهن لم يجلبن أى ثروات للمجتمع.. فتقليديّا كانت المرأة جزءاً من أملاك الرجل، وبعد وفاته: تئول زوجاته وبناته إلى وريثه الذكر، والذى عادة ما يبقيهن بدون زواج، حتى يتحكم فيما لديهن، ويغتنى على حساب فقرهن... أما فى الإسلام فقد كان القرآن يحاول إعطاء النساء حقوقاً لم تتمتع بها نساء الغرب إلا فى القرن التاسع عشر".(3)

وأما عن عزل المرأة المسلمة وتحريم مشاركتها للرجال فى المجالس فتقول أنا (مارى شيمل): إن ذلك ليس من الشريعة، ولكنه نتيجة تطورات اجتماعية وسياسية، ولن نجد آية فى القرآن تفرض على المرأة الانعزال عن المجتمع، أو إبعادها عن أنشطة الحياة، وما حدث من فرض العزلة على المرأة جاء نتيجة أفكار لا وجود لها فى القرآن، ونتيجة التفسير الشعبى الساذج للقرآن، والتفسير المتأثر بالأوضاع الاجتماعية والثقافية والسياسية فى مجتمع من المجتمعات الإسلامية، ففى الهند مثلاً، وتحت تأثير الهندوسية لم يكن مسموحاً للأرملة المسلمة بأن تتزوج مرة أخرى، وهذه ليست من أحكام الإسلام ولكنها من التعاليم الهندوسية، ولذلك بدأ مسلمو الهند فى محاربة مثل هذه التأثيرات الغريبة عن الإسلام، وهكذا يجب أن ننظر إلى كثير من الأمور من منظور اجتماعى وتاريخى.(4)

وتقول (أرمسترونج): كان تحرير المرأة مشروعاً عزيزاً على قلب النبى محمد، وقد أعطت حياة محمد العائلية فرصة لزوجاته لدخول عالم السياسة ، وأحسسن بالألفة فى ذلك، ولم يمر وقت طويل حتى بدأت النساء الأخريات الإحساس بذواتهن وقدراتهن، مما اعتبره أعداء محمد أمراً معيباً تجدر مهاجمة محمد عليه.(5)

فإن كانت (أنا مارى) قد دافعت عن وجهة نظر الإسلام فى جعل نصيب المرأة من الميراث نصف نصيب الرجل، فلعنا نشرح الأمر بشيء من التفصيل:

لقد شرع الله للمرأة أن ترث ولم يكن ذاك مباحاً لها قبل الإسلام، وقد ورد فى ذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فَرَضَ الله فيها ما فرض، للولد الذكر والأنثى والأبوين، كرهها الناس أو بعضهم وقالوا: تُعطَى المرأة الربع أو الثمن، وتعطى البنت النصف. ويعطى الغلام الصغير. وليس أحد من هؤلاء يقاتل القوم، ولا يحوز الغنيمة..، وهذا لأنهم كانوا قبل الإسلام لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم، ويعطونه الأكبر فالأكبر.

وقد نزلت آيات الفروض التى تحدد نصيب كل فرد من العائلة فى الميراث، ولتسوى بين الذكور والإناث فى الحق فى الميراث، بعدما كان الميراث عند أهل الجاهلية للذكور فقط، ولكن جعل الله للذكر مثل حظ الأنثيين؛ وذلك لاحتياج الرجل إلى مؤنة النفقة على الزوجة والأبناء وفى بعض الأحوال على الآباء، فهو المنوط به إعداد المسكن والمشرب والملبس وما لازم تكاليف الحياة لكل من يعول أمرهم، بجانب معاناة التجارة والتكسب وتجشُّم المشقة.

ولكن مع كل هذا لم يكن للمرأة نصف نصيب الرجل فى كل الأحوال، فقد اختلفت أحوال المرأة فى الميراث باختلاف المورَّث ذاته، وباختلاف الوارثين أيضاً ، فمثلاً:

- ترث المرأة نصف ما يرث الرجل إن كانوا إخوة والمورِّث هو أحد الأبوين: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. [النساء: 11]

- ترث المرأة مثل نصيب الرجل إن كانوا أبوين وكان المورِّث له ولد فأكثر أو بنتان فأكثر: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ}. [النساء: 11]
- ترث المرأة أكثر من نصيب الرجل إن كانت هى الابنة الوحيدة للمورِّث وكان الرجل هو الجد: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}. [النساء: 11]، وهنا يبقى سدس يذهب للجد، فيكون للبنت ثلاثة أسداس وللجد سدسان وللجدة سدس.

وهكذا يختلف نصيب المرأة بالنسبة للرجل باختلاف أحوال الأسرة وعدد أفرادها وتكوينها، وليس الأنثى فى كل حال نصف نصيب الرجل، وباب المواريث باب كبير فى الفقه الإسلامى لا يستطيع أى شخص وإن كان من علماء المسلمين أن يدلى بدلوه فيه إلا إن كان دارساً له.

- شبهة: تعدد الزوجات فى الإسلام.

لقد كان العرب يبيحون للرجل أن يجمع في عصمته من الزوجات ما شاء دون التقيد بعدد، وكان الذين جمعوا بين أكثر من أربع زوجات أكثر من أن ينالهم العدد (6)،. وجاء الإسلام ومنهم من له العشرة من النساء والأكثر، والأقل، فقصر ذلك على أربع إن علم أنه يستطيع الإنفاق عليهن، والعدل بينهن، فإن خاف عدم العدل فليكتف بواحدة، وما كانوا في الجاهلية يلتزمون العدل بين الزوجات، وكانوا يسيئون عشرتهن، ويهضمون حقوقهن حتى جاء الإسلام فأنصفهن، وأوصى بالإحسان إليهن في العشرة، وقرر لهن حقوقا ما كن يحلمن بها (7).

وتقول أنا (مارى شيمل) عن تعدد الزوجات فى الإسلام: "إن القرآن يعطى رخصة فى التعدد وذلك فى قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً}. [النساء: 3]، وهو ما يجعلنا نجد أن التعدد ليس واجباً أو فرضاً ولكنه رخصة وهو مشروط بشرط العدل، ومجرد الخوف من عدم القدرة على تحقيق العدل يعنى عدم السماح بالتعدد، ومن الناحية العملية فإن وجود سيدات أرامل كثيرات فى الحروب سبب يجعل التعدد لصالح المرأة ولحمايتها، ويجب أن نعلم أن الرجل فى الجاهلية كان يحق له الزواج بعدد غير محدود من النساء، فجاء الإسلام وحدد العدد وجعل لهذا التعدد شرطاً لازماً وهو العدل، مما جعل رجال الإصلاح فى الفقه يقولون إن الزوجة الواحدة أفضل من الناحية الشرعية، لأن الرجل يصعب عليه أن يحقق العدل فى مشاعره بين زوجاته".(8)

وتقول (أرمسترونج): "لقد ترك المسلمون الذين ماتوا فى غزوة أُحد خلفهم زوجات وبنات بدون عائل، فنزل الوحى بعد الهزيمة يسمح للمسلمين باتخاذ أربع زوجات، وعلى المسلمين أن يتذكروا بأن الله خلق الناس من نفس واحدة، فكل من الذكر والأنثى متساويان أمام الله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}. [النساء: 3]، وكثيراً ما يتعرض تعدد الزوجات لنقد شديد، على أنه السبب فى معاناة نساء المسلمين، ولكن فى وقت نزول الآيات، كان يعتبر تقدماً اجتماعيّا، حيث جاء نظام تعدد الزوجات –طبقًا للقرآن– بمثابة قانون اجتماعى، ليس بغرض مكافئة الشهية الجنسية للرجال، ولكن لرفع الظلم عن الأرامل واليتامى، وبصفة عامة عن النساء اللاتى كن معرضات للظلم، فكما أن كثيراً ما يستحوذ بعض الأنانيين على كل شىء على حساب الضعفاء، كذلك كان كثير من النساء يتعرضن للاعتداء الجنسى ممن يُفترض أن يكونوا حماتهن من الوارثين الذكور، أو حتى يتحولن إلى أملاك تباع فى سوق العبيد، وكان (ابن أًبَى)(9) -على سبيل المثال- يجبر إماءه على الدعارة لحسابه، فرفض القرآن ذلك بحسم، وضمن للمرأة نصيبًا فى الميراث، فكان الهدف من تعدد الزوجات ضمان حماية المرأة بأن تتزوج بكرامة، وحدد التعدد المفتوح السابق للإسلام بأربع زوجات، مع وجوب معاملتهن بالعدل، ومع الامتناع عن سلبهن ممتلكاتهن".(10)

الفهارس

*- وهى من مواليد مدينة "إيرفورت" الالمانية عام 1922 (حاصلة على دكتوراه فى الإستشراق عن رسالة "القضاء الإسلامى فى مصر فى القرون الوسطى" فى أوائل الأربعينات ثم درجة الأستاذية "بروفيسور" فى منتصف الأربعينات ثم دكتوراه ثانية فى أوائل الخمسينات .. وعملت فى تدريس الشريعة الإسلامية فى جامعة أنقرة بتركيا، وجامعة هارفارد بالولايات المتحدة ثم احتلت كرسى الأستاذية فى قسم العلوم الإسلامية واللغات الشرقية بجامعة بون أعرق الجامعات الألمانية... وهى حاصلة على عشرات الأوسمة والجوائز العلمية من مختلف أنحاء العالم ، وقد أصبحت رئيساً للجمعية الدولية لعلم الأديان المقارن من سنة 1980 حتى سنة 1990،

1- المنصفون للإسلام فى الغرب.ص184 /أ. رجب البنا

2- (حوار صحفى بينها وبين د. ثابت عيد نشر فى (مجلة أكتوبر) فى عدد 10 مارس 1996 م.)

3- محمد نبى لزماننا / كارين أرمسترونج (طبعة مكتبة الشروق ص134،135 ترجمة: فاتن الزلبانى)

4- (مجلة أكتوبر) فى عدد 10 مارس 1996 م.)

5- محمد نبى لزماننا / كارين أرمسترونج -ص 136

6- السيرة النبوية للصلابى –نقلاً عن(دراسة تحليلية لشخصية الرسول محمد r ص24،25)

7- المرجع السابق.نقلاً عن(السيرة النبوية لأبي شهبة)

8- (مجلة أكتوبر) فى عدد 10 مارس 1996م.

9- عبد الله بن أبى بن سلول...رأس النفاق فى زمن النبى محمد.

10- محمد نبى لزماننا/كارين أرمسترونج-ص134

الأربعاء، 15 يوليو 2009

دعاوى زكريا بطرس فى الميزان

سؤال صريح جداًً!!
إذا كان دين الإسلام دينٌ باطل ... فهل يحتاج أحد علماء اللاهوت كالقمص زكريا بطرس فى محاولاته المتكررة لنقض هذا الدين ... هل يحتاج إلى التدليس والكذب والخداع لإثبات وجهة نظره؟!! لماذا لا يأتى بالأدلة الواضحة على إثبات بطلان هذا الدين؟!!!
ففى هذا الموضوع نجد كيف تكون شهادات القمص زكريا بطرس بصحة الإسلام دون أن يدرى!!!
- القرآن
1- القمص زكريا بطرس يخترع آية جديدة فى القرآن .
فيقول فى القرآن آية تقول: لا تكذبوا على الله و روحه!!! روح الله ( يقصد بها المسيح) !!! والآية كلها من اختراعه.
2- القمص زكريا بطرس ينسب للقرآن أخطاء نحوية مستدلاً بتفاسير علماء المسلمين ... ولكن مع التدليس !!!
فى قول الله: (إن هذان لساحران).
يتهرب من مناقشة ادعائه على الهواء مباشرة.
وفى قول الله: (لا ينال عهدى الظالمون)
- الأحاديث النبوية
1- القمص زكريا بطرس يدلس حديث شفاعة النبى محمد يوم القيامة ويدعى أن الحديث نسب الشفاعة للمسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام!!!
2- القمص زكريا بطرس يحاول جاهداً اتهام رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- بالشهوانية ... ولكن بالكذب والخداع والتدليس على الأحاديث وكتب المسلمين!!!!
- الكتاب المقدس
لم يكتفى القمص زكريا بطرس بالإدعاء على الدين الإسلامى ورسوله ومصادر الشريعة به ( القرآن والأحاديث الصحيحة) ، لينتقل للتدليس على الكتاب المقدس ، فيدعى أن الإعجاز الذى أتى به القرآن فى أطوار الجنين ... قد سبقه به الكتاب المقدس مما يقرب من 1100 عام!!!! وهو لا يدرى أنه بذلك يشهد بصحة إعجاز القرآن فى أطوار الجنين، والذى شهد بصحته القاصى والدانى ،،، مع إثبات كذبه وتدليسه على الكتاب المقدس!!!!!!!!
وهذه إشارات قليلة ولكن هناك الكثير والكثير من أدلة إثبات كذب وتدليس القمص زكريا بطرس ، ليس إلا لخداع النصارى الذين يرغبون فى الإسلام وتشكيك جهال المسلمين فى دينهم!!!!!
وما زال القمص يشهد للقرآن ولرسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- دون دراية منه ، ولقد جائت الأخبار التى تؤكد اعتناق بعض النصارى بسبب اكتشافهم لكذبه وتدليسه!!!!
والآن علينا الجواب على السؤال المطروح فى بداية الموضوع: لماذا يحتاج مثل هذا القمص للتدليس على دين الإسلام وشريعته ورسوله ، إن كا باطلاً؟!!! ...و لماذا لم يأتى بالأدلة الواضحة على اثبات بطلان هذا الدين؟!!!
والجواب: لعدم وجود ما يثبت بطلان هذا الدين، احتاج مثل هذا القمص للتدليس والكذب والخداع ... على هذا الدين .....
وهناك أمور تثبت قولنا: ولكن نجدها فى الموضوع التالى إن شاء الله!!!!

الخميس، 9 يوليو 2009

أسرع الطرق وصولاً للحقيقة


اتبع الخطوات التالية تصل للحق...

ولكن كن صادقاً فى بحثك وإجابتك على الأسئلة إن أردت الحق ..... واعلم أن الأمر يحتاج إلى صبر ومشقة ... فأنت تبحث عن النجاة .. فأنت تبحث عن رضوان الله ...

1- ابحث فى أدلة ثبوت أن القرآن من قِبَل الله وأن محمداً رسول الله . . فى الماضى والحاضر.
2- ابحث فى أدلة صدق القرآن فيما نسبه للتوراة والإنجيل من تحريف.
3- ابحث فى أسباب مدح وشهادات غير المسلمين من المنصفين للإسلام.
4- ابحث فى أسباب الإختلاف بين نوعية المعتنقين للإسلام والمرتدين عنه ، من حيث مكانتهم العلمية والثقافية والسياسية والمادية فى الشرق والغرب.
5- سل نفسك: إذا كان هذا الدين باطل ... فلماذا يعتنقه يوماً بعد اليوم سادات الأقوام قبل ضعفائهم؟.
6- إذا كان هذا الدين باطل ... فلماذا يحتاج علماء اللاهوت كالقمص زكريا أن يدلسوا ويدّعوا كذباًً عليه؟.
7- إن كان المسيح هو الله أو ابن الله كما يدعى النصارى ... فلماذا لَم يَثبُت ذلك فى الكتاب المقدس ... وإن كان قد ثبت ... فلماذا يحتاجون إلى المجامع المسكونية والمحلية للإتفاق على شخصه : هل هو إله أم لا؟ ... ولماذا حتى بعد هذه المجامع ظلوا مختلفين فيه؟.

وفى الختام : إن أردت المساعدة نساعدك دون تحيز ولا تدليس ...

ونسأل الله لنا ولكم الهداية والتوفيق ....

الأحد، 5 يوليو 2009

علاقة الإسلام بالإرهاب


الإرهاب والإسلام

إن مصطلح الإرهاب فرض نفسه على وسائل الإعلام وفى الأدبيات التى تعنى بالفكر الدينى أو السياسى أو القانونى أو الاجتماعى أو العسكرى، كما ظهرت وثائق ومواثيق تدور حول الموضوع، أو تعمل لاستكشاف الدلالة والفعل فيه.

الإرهاب: المصطلح والتعريف

إن مصطلح الإرهاب بدلالة سياسية لم يعرفه عالم المصطلحات العربية فى المعاجم القديمة، ولعله قد أخذ طريقه إلى الوجود -كما تؤكد المصادر– عند الفرنسيين من خلال ما جرى من وقائع عُنفية بعد الثورة الفرنسية، وحالات الكرَّ والفرَّ السلطوية التى أعقبتها فى أواخر القرن الثامن عشر للميلاد، فكانت مصطلحات Terrorism (إرهاب- حكم إرهابى)، و Terrorist (إرهابى)، وقد أُطلق المصطلح الأخير على كل متمرد على السلطة، والذى يقترن تمرده بأعمال شغب وعنف ينتج عنها أذىً للآخرين.
أما عند العرب، فإن الفعل (رهب) يعنى خاف، والرهبة: مخافةٌ مع تحرُزٍ واضطراب، هذا فى لسان العرب والمعاجم القديمة.
أما فى المعاجم المعاصرة فإن المصطلح يظهر متأثراً بالمعاجم اللاتينية: ففى "المنجد": أرهبه= خوَّفه، والإرهابى= من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطته، والحكم الإرهابى: حكم يقوم على الإرهاب والعنف. أما فى "الرائد" (لجبران مسعود): الإرهاب= رعبٌ تحدثه أعمال عنف كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب، والحكم الإرهابى نوع من الحكم الاستبدادى يقوم على سياسة الشعب بالشدة والعنف بغية القضاء على النزعات والحركات التحررية أو الاستقلالية.
ولذلك نجد فى اللغة العربية أن الارهاب ليس منسجماً مع المصطلح المتداول حالياً، ولعل مصطلح العنف يعبِّر عن الأمر بشكل أدق، ففى "لسان العرب" (لابن منظور): العنف= الخرق بالأمر وقِلةُ الرِفقِ به، وهو ضد الرفق، واعتنف الأمرَ: أخذه بعنف. والتعنيف: التوبيخ والتقريع واللَّوم.(1)... وفى أقوال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ ". (2) ... أما فى النص القرآنى فقد ورد الفعلُ أو الاسم فى ثمانية مواقع هى:
1- {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}. [البقرة: 40 ]

2- {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}. [الأعراف: 116]
3- {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}. [الأعراف: 154]
4- {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ...}. [الأنفال: 60]
5- {وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}. [النحل: 51]
6- {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}. [الأنبياء: 90]
7- {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}. [القصص: 32]
8- {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}. [الحشر: 13]

بمراجعة مواقع المصطلح فى النص القرآنى نجد أن ما ورد فى الأرقام 6،5،3،1 .جاء بمعنى الخشية والخوف من الله. فهو متعلق بالرهبة من الله وليس من غيره.،
- وأما النص القرآنى فى الرقم 7 فجاء المصطلح متعلقاً بحال موسى وما هو عليه من الخوف عندما أظهر له الله الآيات التى يخاطب بها بنى اسرائيل ونجد هذا فى الآية التى سبقتها مباشرة: {يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ}. [القصص: 31 ]، وفى الكتاب المقدس أيضاً: {فقال اطرحها إلى الأرض فطرحها إلى الأرض فصارت حية فهرب موسى منها} [4 : 3 سفر الخروج]

إذاً لم يتبقَ فى النصوص القرآنية التى ذُكر فيها مصطلح الرهبة سوى فى الأرقام 8،4،2 وهى التى نجد فيها ما يتعلق بموضوعنا.
- فى الرقم 2 كان المصطلح يخص إرعاب سحرة فرعون للشعب بما ساقوه من سحر عظيم عندما ألقوا عصيهم فصارت ثعابين وذلك فى قول الله: {فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}.، وجاء فى الكتاب المقدس: {طرحوا كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين}.[7 : 12الخروج]

- فى الرقم 4 يكون معنى الآية: "وأعدوا -يا معشر المسلمين- لمواجهة أعدائكم ما استطعتم من قوة حربية شاملة لجميع عتاد القتال، من المرابطين فى الثغور وأطراف البلاد بخيلهم، لتخيفوا بهذا الإعداد والرباط عدو اللَّه وعدوكم من الكفار المتربصين بكم الدوائر، وتخيفوا آخرين لا تعلمونهم الآن واللَّه يعلمهم. لأنه لا يخفى عليه شئ". (3) ... ويشرح المعنى الآية التالية لها: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. [ الأنفال: 61] ... والتى ورد فى تفسيرها: "وإن مال الأعداء عن جانب الحرب إلى جانب السلم ، فاجنح لها -أيها الرسول- فليست الحرب غرضاً مقصودا لذاته عندك إنما أنت قاصد بها الدفاع لعدوانهم، وتحديهم لدعوتك. فاقبل السلم منهم، وتوكل على اللَّه، ولا تخف كيدهم ومكرهم إنه سبحانه هو السميع لما يتشاورون به، العليم بما يدبرون ". (3)
- فى الرقم 8 يكون معنى الآية: "لأنتم -أيها المسلمون- أشد مهابة فى صدور المنافقين واليهود من الله؛ ذلك لأنهم قوم لا يعلمون حقيقة الإيمان".(4) حيث أن الخطاب فى الآية كان للمسلمين زمن النبوة، عندما كانوا فى مواجهات مع يهود المدينة.

ففى هذا النص القرآنى تأكيد على أن الإرهاب معناه فى القرآن: إلقاء الخوف فى قلوب الأعداء، وهذا الخوف يدفعهم إلى التسليم، فعندما لا تكون حالات قتل، ولا تكون أية آثار سلبية، فإن الإعداد والتجهيز بمفرده كاف لإلقاء هذا الرعب فى قلوبهم، وفى هذا جاء حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ وَأُحِلَّتْ لِىَ الْغَنَائِمُ وَجُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً وَخُتِمَ بِىَ النَّبِيُّونَ".(5)، وفى كثير من مواجهات جيش الإسلام فى زمن النبوة والخلافة الإسلامية كان تحقيق هذا المعنى، ففى فتح مكة ظهر هذا المعنى، عندما دخل النبى محمد وجيشه وهم فى كامل عُدَّتهم وعَدَدِهم، فتصف (كارين أرمسترونج) (6) هذا المشهد بقولها: "وفى مكة، خشى كبارها من غزوة استئصال لهم عندما علموا باقتراب جيش المسلمين... وذهل (أبو سفيان) من مرأى أعداد المسلمين فى صلاة الفجر، ثم تحركهم بعد ذلك صوب مكة، فأسرع (أبو سفيان) عائداً إلى مكة، وهناك جمع الناس قائلاً فيهم: "يا معشر قريش، هذا محمد قد جاءكم بما لا قبل لكم به." ، فكان فتح مكة فتحاً سهلاً يسيراً دون قتال عدا مناوشة صغيرة سرعان ما انتهت، وصفتها (كارين أرمسترونج) قائلة: "أرادت قلة من قريش القتال، فجمع (عكرمة وصفوان وسهيل) قوة صغيرة حاولت الهجوم على جناح (خالد بن الوليد) من الجيش الفاتح، ولكن سرعان ما انهزموا، وفر كل من صفوان وعكرمة خوفاً على حياتهما، أما سهيل، فقد ألقى سلاحه ودخل بيته، ودخل بقية الجيش الإسلامى مكة دون مقاومة".(7)
وكان فتح المسلمين للقدس مثالاً آخر على هذه الرهبة التى كانت فى قلوب خصومهم، فيقول القس الانجليزى (كولن تشابمان): "حين حاصرت جيوش المسلمين القدس سنة 638 م، أدرك (سفرونيوس) بطريرك القدس أنه سيضطر إلى التسليم، لكنَّه أصرَّ على أن يتم التسليم لأكبر شخصية فى الدولة الإسلامية وحين اقترب عمر كان يرتدى ثياباً مصنوعة من وبر الجمال، وكانت كلها متسخة وممزقة".(8)

ويصف الداعية الإسلامى (د.طارق سويدان) هذا اللقاء بقوله: "ولما رأى البطريرك هذا المنظر هاله وأرعبه، وعظم شأن الإسلام فى نظره، وقال لقومه إن أحداً فى الدنيا لا يستطيع الوقوف فى وجه هؤلاء القوم، فسلِّموا لهم تنجوا".(9)
ويؤكد هذا المعنى قول القس (كولن تشابمان): "وفى القدس، وُلدت المسيحية ثانية بدخول (عمر بن الخطاب) والإسلام، الذى أظهر رسالته وتسامحه حين تقابل مع (سفرونيوس) بمحبة، وقبول، واحترام، وعهد؛ عهد الله وعهد الإنسان لأخيه الإنسان".(10)

وحتى إن وقع قتال فى معارك أخرى للمسلمين على مر التاريخ فهى ليست تحت مسمى الإرهاب بأى حالٍ من الأحوال، وهذا ما يؤكده (سيدربرج) قائلاً: "إن القتال الذى يدور بين وحدتين مسلحتين متنافستين فى صراع قوة سياسى لا يعد إرهاباً، حتى ولو كان أحد الجانبين من رجال حروب العصابات أو أخذ خصمه على حين غرة، وأى حرب مهما كانت غير عادية ستبقى مجرد قتال ما دامت كلُّ الأطراف فيها مستهدفة ً بوسائل مميزة".(11)
وإذا كنا قد تعرفنا على مصطلح الإرهاب الوارد فى القرآن وأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفتوحات المسلمين فى عهد النبى وبعد وفاته، وفى المعاجم العربية القديمة، فهل نجد هذا المعنى يتطابق مع معنى الإرهاب الحالى (والذى جاء تعريفه -فى بيان مجمع البحوث الإسلامية فى الأزهر الشريف 2001 م- كالتالى: "الإرهاب: هو ترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم، والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم، وكرامتهم الإنسانية، بغياً وإفساداً فى الأرض"؟... وهل فى القرآن أو السنة أو معارك وفتوحات المسلمين فى الماضى البعيد والقريب ما يتناسب مع هذا المعنى لمصطلح الإرهاب؟!
وأما عن الجماعات الإسلامية التى ظهرت فى الآونة الأخيرة بمسميات شتى، والتى كانت من أسباب اتهام الإسلام بالإرهاب، فالمستشرق البريطانى البروفيسور (فريد هاليداى) –الأستاذ بجامعة لندن– يناقش هذا الموضوع قائلاً: "إن هذه الجماعات ليست المعبرة عن روح الإسلام، وهى لا تقدم المبادىء الإسلامية، ولكنها تقدم ما يبرر ممارساتها العدوانية، وهذه الجماعات لا تمثل ظاهرة إسلامية بل تمثل قوى نشأت فى مجتمعات معينة كرد فعل للمشكلات التى تعانى منها هذه المجتمعات، وهى مشكلات اجتماعية وسياسية،كما أنها رد فعل لما تشعر به هذه المجتمعات من مخاطر الهيمنة الخارجية، وما تتعرض له من رياح التغيير الاجتماعى والثقافى وخاصة بالنسبة لتغيير الوضع التقليدى للمرأة السائد فى مجتمعات بدوية، ولذلك فإن الغرب يخطىء حين يستسلم لادعاء هذه الجماعات بأنها إسلامية، بدلاً من دراسة الظروف التى أدت إلى نشأة هذه الجماعات وهى ظروف خاصة بكل مجتمع من المجتمعات الإسلامية."(12)

شبهة: الإسلام يدعو أتباعه لممارسة الإرهاب

بعد هذا العرض لمفهوم الإرهاب فى الإسلام وتوضيح معنى الرهبة فى القرآن وفى أحاديث النبى محمد... يبقى سؤال: لماذا يُثار أن الإسلام يتضمن دعوة المؤمنين به لممارسة الإرهاب؟!

والجواب يبسطه لنا (هاليداى) فى قوله: "إن الخرافة الشائعة فى الغرب بأن الإسلام يتضمن دعوة المؤمنين به لممارسة الإرهاب، فإنه من المعلوم للدارسين للإسلام أنه لا توجد علاقة بين الدين الإسلامى والإرهاب، وعندما ظهر الإرهاب بمعناه المعاصر فى القرن التاسع عشر لم يكن المسلمون هم الذين روجوا له، وفيما بعد نشأ الإرهاب فى أيرلندا الشمالية، وسريلانكا، وغيرها من المجتمعات التى لا تدين بالإسلام، وإذا كان المقصود بالإرهاب هو النزعة للتعصب، وقمع المجموعات العرقية والدينية الأخرى، فسوف نجد فى تاريخ المجتمعات الإسلامية جرائم من هذا النوع، إلا أن المجتمعات الإسلامية ليست الوحيدة التى ظهرت فيها هذه الجرائم، فالمجتمعات الإسلامية لم تمارس التعذيب والإبادة العرقية لليهود، ولكن حدث ذلك فى الغرب فقط وفى ألمانيا النازية بالذات، كما حدث نفى اليهود الشرقيين من أسبانيا، واليوم نجد أن الشعوب الإسلامية التى تناضل من أجل تحرير أرضها ومن أجل الاستقلال هى المسئولة عن الإرهاب!!، فهناك فرق بين الإرهابيين والمقاتلين من أجل الحرية".(13)

الفهارس
1- لسان العرب/ ابن منظور ( كلمة: عنف)
2- صحيح مسلم
3- تفسير المنتخب
4- تفسير المنتخب / الأزهر
5- المرجع السابق.
6- صحيح مسلم.
7-...راهبة كاثوليكية إنجليزية،عنيت بدراسة الإسلام والدفاع عنه وعن رسوله، من مؤلفاتها(حياة محمد،محمد نبى لزماننا،الأصولية فى اليهودية والمسيحية والإسلام). 5- محمد نبى لزماننا / كارلين أرمسترونج ص 179
8- القدس لمن؟ القدس والصراع العربى الإسرائيلى/ القس:كولن تشابمان ص62
9- فلسطين التاريخ المصور/ د.طارق السويدان (طبعة الإبداع الفكرى – الكويت ص 84)
10- القدس لمن؟ القدس والصراع العربى.ص 73.
11- لا للإرهاب.نعم للجهاد/ د. أسعد السحمرانى ( طبعة دار النفائس- بيروت ص 16) نقلاً عن (سيدربرج ، بيتر.سي: م.س،ص56،57).
12- المنصفون للإسلام فى الغرب ص 41،42 – نقلاًعن (الإسلام والغرب/فريد هاليداى).
13- المنصفون للاسلام فى الغرب ص 38.



مفهوم القتال فى الإسلام


القتال فى الإسلام

إذا كان الجهاد –فى الإسلام– أعم من القتال... وكان القتال هو الجانب العنيف من الجهاد، وليس كل الجهاد.. فالقتال -فى الإسلام- هو الاستثناء الذى لا يجوز اللجوء إليه إلا لمدافعة الذين يفتنون المسلمين فى دينهم... أو يخرجونهم من ديارهم... ولقد كان منهاج الدعوة الإسلامية هو التجسيد لهذا المنهاج... ففى البداية... وبعدما تعرض له المسلمون من أذى فى عقيدتهم وأنفسهم وأموالهم وأهليهم، وفتنة عن دينهم، واضطهاد تصاعد حتى اقتلعهم من وطنهم –مكة– وجعلهم يهاجرون إلى يثرب (المدينة) -بعد هجرة العديد منهم إلى الحبشة- أذن الله -مجرد إذن- للمؤمنين فى القتال... فالإخراج من الديار، والفتنة فى الدين والاضطهاد والتعذيب، كل هذا كان سبباً فى تشريع القتال والإذن به، وذلك فى قول الله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. [الحج: 39- 40 ]

وعندما تطور الحال من "الإذن" فى القتال إلى "الأمر" به، جاء القرآن ليضع الإخراج من الديار سبباً لهذا الأمر بالقتال، فقال الله:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ.. فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [ النحل: 125- 128]

فهو قتال دفاعى، ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم، وفتنوهم فى دينهم، لتحرير الوطن الذى سلبه المشركون من المسلمين {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}.، ذلك لأن منهاج الشريعة الإسلامية فى الدعوة إلى الله وإلى دينه ليس القتال، وإنما هو الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.. وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}. [ البقرة: 190- 192].

بل لقد تميز الإسلام -فى هذا الميدان- برفضه فلسفة "الصراع" لأنه يؤدى إلى أن يصرع القوى الضعيف، وأحل محلها فلسفة "التدافع" الذى هو حراك يعدّل المواقف ويعيد التوازن والعدل وذلك فى قول الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.[ فصلت: 33- 35]... كذلك يرفض الإسلام الفلسفات التى اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان، وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه.. وقرر أن القتال هو الاستثناء المكروه، وليس القاعدة... وذلك فى قول الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}. [البقرة: 216] ، وليس هناك ما شرعه الله للمسلمين ووصفه أنه "كُرْه" سوى القتال!... ولما لا وقد قال الله: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.[المائدة: 32]... ولقد بينت أحاديث النبى محمد r -وأكدت– هذه الفلسفة الإسلامية إزاء القتال، فقال رسول الله:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ".(1) ... وحتى هذا القتال –الذى كُتب على المسلمين وهو كُره لهم– والذى وقف به الإسلام ودولته عند حدود القتال الدفاعى لحماية حرية العقيدة، وحرية الدعوة من الفتنة –التى هى أكبر من القتل المادى–، ولحماية حرية الوطن –الذى بدونه لا يُقام الإسلام-... حتى هذا القتال -الاستثناء والضرورة– قد وضع الإسلام ودولته له "دستوراً أخلاقياً" تجاوز فى سُموَّه كل المواثيق الدولية التى تعارف عليها المجتمع الدولى نظرياً، بعد أربعة عشر قرناً من ظهور الإسلام، وتطبيق المسلمين لقواعد الدستور الأخلاقى لهذا القتال.

وهذا الدستور الأخلاقى يتمثل فى ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنه إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ -أَوْ خِلاَلٍ- فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ".(2)، وتلك الخصال الثلاث هى: دعوتهم إلى الإسلام مع حفظ الأرواح والممتلكات، أو دفع الجزية مقابل حمايتهم، أو القتال.(3)

وقد صاغ أبو بكر الصديق -الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم- قواعد هذا الدستور الأخلاقى للقتال والحرب، فى وثيقة إسلامية، عندما أوصى قائد جيشه يزيد بن أبى سفيان (18 هـ/ 639 م) وهو يودعه أميراً على الجيش الذاهب لرد عدوان البيزنطيين فى الشام، فقال -فى وثيقة الوصايا العشر-: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم لله –الرهبان- فدعهم وما زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم له... وإنى موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيّاً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة، ولا بعيراً إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن".(4)

فكانت هذه -"وثيقة الوصايا العشر"- دستور الآداب الإسلامية وأخلاقيات القتال، عندما يُفرض على المسلمين القتال.(5)

وفى هذا الصدد نذكر ما جاء بسفر التثنية من التوراة؛ حين جاء: {حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح.. فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك.. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها.. واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف.. واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك}.[10:20- 14 التثنية]، يقول القمص (تادرس يعقوب المالطى) (6) شارحاً تلك الآيات: "بالنسبة للأمم البعيدة يرسل إليهم لإقامة عهود سلام، لا يجوز لهم أن ينزلوا فى معركة مع الجيران ما لم يقدموا أولاً إعلاناً عاماً، يطلبون فيه الصلح... حيث تكون شروط الصلح هى:

1-جحد العبادة الوثنية، والدخول إلى عبادة الله الحى.
2- الخضوع لليهود.
3-دفع جزية سنوية.

ومن لا يقبل هذه الشروط لا يبقون فى مدينتهم كائناً حياً متى كانت من الأمم السبع الكنعانية، أما إذا كانت من المدن المجاورة فيقتل الرجال ويستبقى النساء والأطفال مع الحيوانات وكل غنائمها. أما سبب التمييز فهو ألا يترك أى أثر فى وسط الشعب للعبادة الوثنية".(7)
وهذا نص واحد يسوق لنا كيف يتم فتح المدن ، وإنى لم أسوق إليكم عشرات النصوص التى ذكر فيه القتال فى الكتاب المقدس ، وكيف أنه كان هناك أمر من الله بالدمار الشامل للمدن ومن فيها، أطفال وشيوخ ونساء ورجال ، حتى الحيوانات لم تسلم من الأمر بإبادتها!!! ولعل من أراد أن يقرأ جزء من تلك النصوص فليراجع ( سفر يشوع من الإصحاح السادس إلى الحادى عشر).. !!

ولعل الفرق واضح تماماً بين ما يدعو إليه الإسلام وما يدعو إليه ما سواه.

الفهارس
1- متفق عليه.
2- مسلم
3- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
4- رواه البيهقى فى السنن الكبرى.
5- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
6-...كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس والأنبا أنطونيوس-أتاوا-كندا.
7- تفسير سفر التثنية.ص408/القمص تادرس يعقوب المالطى






مفهوم الجهاد فى الإسلام

الجهاد فى الإسلام

الجهاد فى اصطلاح العربية – كما جاء فى" لسان العرب" لابن منظور- هو: "استفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أَو فعل".(1)... فهو لا يقف عند "الفعل" فضلاً عن أن يكون هذا "الفعل" فقط هو "الفعل العنيف" –الحرب– دون سواه.

والجهاد فى الاصطلاح القرآنى "هو بذل الوسع فى المدافعة والمغالبة" فى كل ميادين المدافعة والمغالبة .. أى فى كل ميادين الحياة.. وليس فقط فى ميادين القتال... "وأكثر ما ورد الجهاد فى القرآن الكريم ورد مراداً به بذل الوسع فى نشر الدعوة الإسلامية والدفاع عنها".(2) .. وسبيل الدعوة الإسلامية هو الحوار بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن.. وليس بالقتال والإكراه والحرب الدينية المقدسة.. فميادين الجهاد الإسلامى الأكبر والأعظم والأغلب هى عوالم الأفكار والحوار... وكذلك جاء تعريف الجهاد "بالدعاء إلى الدين الحق" فى الكثير من موسوعات المصطلحات فى تراث حضارة الإسلام.(3)

فبذل الوسع واستفراغ الطاقة والجهد فى ميادين العلم والتعلّم والتعليم هو جهاد... وبذل الوسع واستفراغ الطاقة والجهد فى عمران الأرض-نهوضاً بأمانة الاستخلاف الإلهى للإنسان- هو الجهاد.. بل إن الرفق بالإنسان والحيوان والنبات والجماد –الطبيعة- هو جهاد.. وكذلك البر والإحسان إلى الوالدين والأقربين وأولى الأرحام هو جهاد.. كما أن الخشية لله ومراقبته وتقواه والتبتل إليه -سبحانه وتعالى- هى قمة من قمم الجهاد الذى فرضه الإسلام... ولهذه الحقيقة -حقيقة عموم الجهاد فى كل ميادين الحياة، وليس اختزاله فقط فى القتال- قَسَّمَ الراغب الأصفهانى(502هـ 1108م) "الجهاد" إلى ثلاثة أضرُب:

1- مجاهدة العدو الظاهر.. 2- ومجاهدة الشيطان.. 3- ومجاهدة النفس..

وتدخل ثلاثتها فى قوله –تعالى-: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}. [الحج: 78 ]، وقوله: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. [التوبة: 41]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}. [الأنفال: 72].

وإن كان القرآن ذكر الجهاد، فإن الموضع الوحيد الذى وصف فيه "الجهاد" بـ: (الكبير) -فى القرآن الكريم -كان حديثاً عن الجهاد بالقرآن -أى بالفهم والوعى والحوار بالحكمة والموعظة الحسنة- وليس حديثًاعن القتال باللسان:{فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. [الفرقان: 52]
بل لقد جعلت السنة النبوية -وهى البيان النبوى للبلاغ القرآنى- من أفعال القلوب -وليس فقط الأيدى والألسنة- ميداناً من ميادين الجهاد الإسلامى... فعن عبد الله بن مسعود -رضى الله عنه- أن رسول الله قال: "ما من نبى بعثه الله فى أمة قبلى، إلا من أمتّه حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".(4)
كذلك جعلت السنة النبوية العلم والتعلم قريناً مساوياً للجهاد فى سبيل الله فعن أبى هريرة -رضى الله عنه- أن رسول الله r قال: "من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيراً أو يعلمه كان كالمجاهد فى سبيل الله".(5) .. وفى الحديث كذلك أن "الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله ".(6)، وكذلك بر الوالدين، هو ميدان من ميادين الجهاد الإسلامى، فعندما جاء رجل إلى النبى يستأذنه فى الجهاد، فقال له رسول الله r: "أحىٌّ والداك"؟... قال: نعم.... قال رسول الله:"ففيهما فجاهد".(7)

وكذلك الحال مع حراسة النفس من الشيطان، يعدها الإسلام ميداناً من ميادين الجهاد... فقال رسول الله r: "فالمجاهد من جاهد نفسه فى الله -عزوجل-".(8) ... وجعلت السنة النبوية الحج إلى بيت الله الحرام ميداناً من ميادين الجهاد الإسلامى -وفيه التجرد من الدنيا وقوتّها، بل وزينتها، والتعايش السلمى حتى مع الهوام وكل أنواع الحيوانات والنباتات-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الحج جهاد والعمرة تطوّع".(9)

تلك هى حقيقة الجهاد الإسلامى، الذى هو بذل الجهد واستفراغ الوسع والطاقة، فى أى ميدان من ميادين الحياة، على امتداد هذه الميادين واتساعها وتنوعها، إن الجهاد الإسلامى ليس حرباً دينية مقدسة، لأن الإسلام ينكر ويستنكر أى حرب دينية، فالإيمان الإسلامى: تصديق قلبى يبلغ مرتية اليقين... وهو سر بين المؤمن وبين خالقه، لا يتأتى إلا بالفهم والعلم والإقناع والاقتناع، ولا يمكن أن يكون ثمرة لأى لون من ألوان الإكراه -فضلاً عن أن يكون هذا الإكراه عنفاً قتالياً- ولذلك فقد قرر القرآن الكريم القاعدة المحكمة والحاكمة :
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .[البقرة: 256].، والتى لا تعنى فقط "النهى" عن الإكراه فى الدين، وإنما تعنى -أيضًا- "نفى" أن يكون
هناك دين أو تدين عن طريق الإكراه!... إذ الإكراه يثمر "نفاقاً" -وهو أخطر من "الشرك" الصراع و"الكفر" البواح-... ولا يمكن أن يثمر "إيماناً" بحال من الأحوال.. ولذلك شاعت فى القرآن الكريم الآيات التى تقول للمخالفين:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}. [الكافرون: 6].، {فَمَنْ شَاءَفَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. [الكهف: 29 ] ، والتى تحدد مهمة الرسالة فى الاعتقاد: {مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ}. [المائدة: 99] ، {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ.. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ}. [الغاشية: 21- 22 ] ، {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ}. [ق: 45] ، {وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}. [الأنعام: 107]

وإذا كان الخلط بين الجهاد الإسلامى وبين الحرب الدينية المقدسة هو أثراً من أثار سوء الفهم للإسلام، أوسوء النية فى تصويرالإسلام... فإن هناك خطأ آخر يقع فيه الذين يختزلون الجهاد الإسلامى فى القتال الذى تحدث عنه القرآن الكريم، ومارسه المسلمون فى عصر النبوة ، وعلى امتداد تاريخ الإسلام.(10) ... وذلك أن الجهاد الإسلامى-الذى هو فريضة إسلامية- أعم من القتال-الذى شرعه الإسلام- فكل قتال جهاد وليس كل جهاد قتالاً ... إذ القتال هو الجانب العنيف من الجهاد، وليس كل الجهاد!

ولقد أدرك حقيقة مغايرة الجهاد الإسلامى للحرب الدينية المقدسة نفر من علماء الغرب، الذين تحلوا بالموضوعية والعمق والإخلاص فى دراساتهم للإسلام.. ومن هؤلاء العلماء كانت المستشرقة الألمانية الدكتورة (زيجريد هونكه) التى كتبت عنه فقالت: "إن الجهاد الإسلامى ليس هو ما نطلق عليه –ببساطة- مصطلح الحرب المقدسة ، فالجهاد " هوكل سعى مبذول، وكل اجتهاد مقبول، وكل تثبيت للإسلام فى أنفسنا، حتى نتمكن فى هذه الحياة الدنيا من خوض الصراع اليومى المتجدد أبداً ضد القوى الأمارة بالسوء فى أنفسنا وفى البيئة المحيطة بنا عالميّا، فالجهاد هو المنبع الذى لاينقص، والذى ينهل منه المسلم مستمداً الطاقة التى تؤهله لتحمُل مسئوليته، خاضعًا لإرادة الله عن وعى ويقين، إن الجهاد بمثابة التأهب اليقظ الدائم للأمة الإسلامية، من نظام اجتماعى إسلامى فى ديار الإسلام".(11)

وتلك هى حقيقة الجهاد الذى فرضه الله-سبحانه وتعالى- وجعله ذروة سنام الإسلام... والذى يكون جهاداً كبيراً عندما يكون فقهاً ووعياً وحواراً بالحكمة والموعظة الحسنة، انطلاقاً من القرآن الكريم: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}. [الفرقان: 52]

الفهارس
1- لسان العرب / ابن منظور (كلمة :جهد)
2- هذا هو الإسلام ج2 ص 51/ د.محمد عمارة( طبعة مكتبة الشروق) – نقلاً عن (معجم ألفاظ القرآن الكريم/ مجمع اللغة العربية)
3- هذا هو الإسلام ج2- نقلاً عن ( التعريفات /الجرجانى)
4- رواه مسلم
5- متفق عليه.
6- متفق عليه
7- متفق عليه
8- رواه الترمذى والإمام أحمد.
9- رواه ابن ماجه.
10- هذا هو الإسلام ج2 ص 51
11- المرجع السابق.ص56.

الأحد، 21 يونيو 2009

بشارات الإنجيل برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.


- بشارات الإنجيل

البشارة الأولى:

- {فسألوه وقالوا له فما بالك تعمد إنْ كنت لست المسيح و لا إيليا ولا النبي}.1: 25 يوحنا

- يقول العلامة الدكتور (وليم إدى) عند شرحه لهذه الآية ما نصه: "يتضمن سؤال الفريسيين ليوحنا التسليم بأنه لو كان أحد أولئك الثلاثة الذين ذكروهم لحق له أن يعمد".(1)، وهذا يعنى أن اليهود كانوا منتظرين لثلاث نبوات علموها من كتابهم التوراة، فإن كان المسيح أحدهم ، فيبقى اثنان: إيليا والنبى. - فأما عن النبى فهو يوحنا المعمدان وذلك من خلال هذه الآية من التوراة: {هأنذا أرسل ملاكي فيهيء الطريق أمامي و يأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به هوذا يأتي قال رب الجنود}.1:3 ملاخى حيث تفسرها الآيات التالية من إنجيل مرقس إذ ورد فيها: {كما هو مكتوب في الأنبياء ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك... صوت صارخ في البرية أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة... كان يوحنا يعمد في البرية و يكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا.}2:1 -4 مرقس ، وهو ما يؤكده القمص (أنطونيوس) إذ يقول: "هأنذا أرسل ملاكي فيهيء الطريق أمامي=هو يوحنا المعمدان... ولذلك يجمع كل أحد أن يوحنا كان نبياً... وقد هيأ الطريق أمام المسيح بدعوة الناس إلى التوبة.. وبعد يوحنا يأتى المسيح مباشرة."(2) - أما عند شرح الآية التالية: {هأنذا أرسل اليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم و المخوف}4: 5 ملاخى فيقول القمص (انطونيوس فكرى) ما نصه: "هنا يتكلم عن يوم الدينونة حينما يأتى المسيح فى مجيئه الثانى.... ولكن لأن ملاخى قد أنهى نبوته بنبوتين، واحدة عن مجىء يوحنا المعمدان كسابق للمسيح فى مجيئه الأول ونبوة عن مجيء إيليا كسابق للمسيح فى مجيئه الثانى".(3) ومن خلال ما سبق نرى أن الثلاثة الذين ذكرهم الفريسيين، قد ظهر منهم اثنان: المسيح، والنبى يوحنا المعمدان (كسابق للمسيح فى مجيئه الأول)، وبقى واحد وهو ايليا (كسابق للمسيح فى مجيئه الثانى)، ولكن يبقى السؤال: من هو ومتى يأتى؟... والجواب هو: محمد الذى جاء بعد المسيح بما يقرب من ستة قرون، والذى قال مبلغاً عن ربه: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ.. مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}. الأنبياء: 1- 2

البشارة الثانية:

- {إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى. وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد}.15:14- 16 يوحنا أما عن تلك النبوءة فيقول (موريس بوكاى) ما نصه: "إن نص إنجيل يوحنا يتحدث وحده عن مرشد آخر آت بعد المسيح، يطلِق عليه يوحنا باللغة اليونانية اسم parakletos وهى كلمة ترجمت فى اللغه الفرنسيه بكلمة paraklet، وفى الآية المذكورة أعلاه نص كلمات احدى الفقرات فى إنجيل يوحنا، وهى تتحدث صراحة عن هذا المعزى او الباراكليتوس parakletos، وذلك وفقا لما ورد فى الترجمة المسكونية من العهد الجديد... ما معنى باراكليت paraklet هذه؟... إن النص الحالى لإنجيل يوحنا يشرح معناها كما يلى: الباركليت paraklet هو الروح القدس الذى سيرسله الآب باسمى ليبلغكم كل شىء وسيجعلكم تتذكرون كل ما قلته لكم.26:14 يوحنا...{هو نفسه سيشهد لى}.26:15 يوحنا، {لكنى أقول لكم الحق إنه خير لكم أن أنطلق لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزى ولكن إن ذهبت أرسله لكم ومتى جاء ذاك يُبكِّت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة}.12:16،14 يوحنا... ونجد فى إنجيل يوحنا أيضا: {إن لى أمورا كثيره أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تتحملوا الآن. وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمورآتية ذاك يمجدنى...}.12:16،14 يوحنا، (ويلاحظ أن مجمل نص إنجيل يوحنا فى الأصحاحات 16،15،14 التى اقتبسنا منها هذه النصوص المتعلقة بالمعزى لاتغير من معنى النصوص التى اقتبسناها بأى حال من الأحوال).... وعندما نقرأ النصوص التى اقتبسناها من إنجيل يوحنا فيما يتعلق بشأن ذلك الباراكليتس parakletos وهى كلمة يونانية، نجد أن هذه الكلمة يستحيل أن يكون معناها هو "الروح القدس" كما يصر على ذلك كل مفسرى وعلماء الكتاب المقدس المسيحيين فى كل التعليقات والشروح التى يكتبونها فى كتب التعليم المسيحى، ومثال ذلك الشروح والتفسيرات التى يعطيها لنا الآب أ.(تريكو) تحت عنوان paraklet. إذ كتب يقول بالحرف الواحد ما نصه كما يلى: "إن لفظ باركليت paraklet المنقول من اللغة اليونانية إلى اللغة الفرنسية لم يستخدم فى العهد الجديد إطلاقا إلا فى إنجيل يوحنا، إن يوحنا يذكر فى الإنجيل المنسوب إليه هذه الكلمة أربع مرات عند سرده لخطبة المسيح التى وجهها إلى حوارييه بعد العشاء الأخير (16:14-26)، (26:15)، (7:16) وذكره مرة واحدة فى رسالته الأولى (1:2)، إن كلمة "الباراكليت" تعنى "الروح القدس"، أما فى رسالة يوحنا الأولى (1:2) فهى تعنى: "المسيح" ولقد كانت كلمة الباراكليت سائدة شائعة الاستخدام لدى اليهود الهلنستيين (الذين عاشوا فى الإسكندرية بعد عصر أفلاطون وأرسطو بوجه خاص)، كانوا يقصدون بها معنى: الوسيط أو المدافع أو المحامى. فالمسيح يعلن لتلامذته بعد العشاء الأخير مستخدما كلمة الباراكليت أن الروح القدس سيرسل الباراكليت أى الآب والابن فى دوره الإنقاذى الذى يؤديه أثناء حياته الفانية على الأرض وذلك لصالح حوارييه. إن الروح القدس سيتدخل ويعمل كبديل للمسيح As a substitute or Christ أو وسيط paraklet قادر على كل شىء "(انتهى ما يقوله "أ. تريكو" فى قاموس الكتاب المقدس عن الباراكليت).إن (أ. تريكو) بهذا التفسير إذن يحاول أن يجعل من الروح القدس "مرشدا أسمى Utimate Guide" للناس بعد اختفاء المسيح.(4) فهل يتفق هذا التفسير مع النصوص التى أوردها يوحنا فى المواضع المشار إليها؟ وكيف؟... لابد من مناقشة هذه المسألة مناقشة موضوعية: يبدو غريبا وشاذاً من حيث المبدأ أولا وقبل كل شىء أن يكون "الروح القدس" هو المقصود بقول يوحنا: {ولكن عندما يأتيكم روح الحق يرشدكم إلى الحق كله، لأنه لا يقول شيئاً من عنده، بل يخبركم بما يسمعه ويطلعكم على ما سوف يحدث}.13:16 يوحنا... فمن غير المعقول بداهة أن ينسب أحد إلى الروح القدس القدرة على أن "يتحدث ويتكلم" لا من تلقاء نفسه ولكن يتحدث "ويتكلم بكل ما قد سمع". إن هذه المسألة أوضح من أن تناقش. ومن المهم أن نرجع إلى الأصل اليونانى لنتمكن من فهم هذه المسألة لأن من المهم لنا فى هذا الصدد أن نتذكر أن يوحنا قد كتب أصول الإنجيل المنسوب إليه باللغة اليونانية وليس بأى لغة أخرى؟ والنص اليونانى الذى رجعت إليه فى تمحيص هذه المسألة هو النص الذى يطلق عليه "نوفوم تستا منتوم جريس Novum Testamentum Graece طبعة نستلى- ألاند Nestle&Aland (سنة 1971). (5) إن البحث الجاد والتمحيص الدقيق ينبغى أن يبدأ بحصر الصيغ المختلفة لنص معين إن كان لذلك النص صيغ مختلفة، وبالنسبة للنصوص المتعلقة بكلمة المعزى أو الباركليتوس parakletos فليس بها نص مختلف سوى الفقرة 26:14 من المخطوطة السريانية الشهيرة المعروفة باسم بالمبست palimpsest، و التى لا تشير إلى الروح فقط بل الروح القدس، فهل كان إغفال سائر النصوص الأخرى لوصف الروح بأنه الروح القدس مجرد سهو من النساخ أم أنه لم يجرؤ أحد منهم على إضافة كلمة القدس إلى كلمة الروح كوصف لها باعتبار أنها إضافة غير معقولة أو مقبولة إذ ليس من المعقول أن يسمع الروح القدس كما يسمع الناس أو أن يتكلم كما يتكلم الناس؟ وفيما عدا هذه الملاحظة ليست هنالك اختلافات فى النصوص المتعلقة بهذا الموضوع من إنجيل يوحنا. (6)

إن الدلالة المحددة لفعل "يسمع"، ولفعل "يتكلم" هى التى تحسم شأن هذه المسألة التى أثارها إنجيل يوحنا، فإن فعل يسمع هو فعل Entender فى الترجمة الفرنسية، ويقابله فعل Akouo فى اللغة اليونانية ومعناها هو القدرة على تمييز الأصوات على مقربة معينة من مصدرها. وقد تم اشتقاق كلمة Acoustique بالفرنسية وكلمة Acoustisc باللغة الإنجليزية من هذه الكلمة اليونانية، والمقصود هو علم الصوتيات.(7) أما فعل "يتكلم Parler" فى الترجمة الفرنسية فهو يقابل فعل Laleo باليونانية ومعناه إصدار أصوات وخصوصا الأصوات الخاصة بالكلام، ويتكرر استخدام هذا الفعل بهذا المعنى كثيرا فى النص اليونانى للإنجيل إشارة إلى كلام المسيح أثناء قيامه بالتبشير وإلقاء المواعظ. ويبدو واضحا فى موضوعنا أن الكلام إلى الناس المقصود لا يتمثل فى "إلهام" من عمل الروح القدس لأنه اتصال ذو طابع مادى آخر، واضح فيه استقبال لكلام وإصدار لكلام، كما يفيد ذلك اللفظ اليونانى المستخدم فى هذا الصدد. ومن البديهى أن نسبة هذين الفعلين وهما: فعل "يسمع" وفعل "يتكلم" إلى الروح القدس لا يتسق بأى حال مع المفهوم العام السائد للروح القدس.، إن نص هذه الفقرة من إنجيل يوحنا كما نطالعه فى المخطوطات اليونانية يكون غير مفهوم بالمرة لو نظرنا عليه باعتبار أنه يتعلق مع كلمة "الروح القدس" فى النص الموجود بالأصحاح (26:14)، إنها الجملة الوحيدة التى تربط بين الباراكليت والروح القدس. ولوحذفنا كلمة روح القدس من هذا النص باعتبار أن هاتين الكلمتين هما إضافة أدخلت على النص فى زمن لاحق نجد أن هذا النص يقدم دلالة شديدة الوضوح (عن نبى قادم بعد المسيح هو نبى الإسلام محمد. ويضاف إلى ذلك أنه يوجد تخبط آخر فى نص الرسالة الأولى ليوحنا إذ تستخدم نفس كلمة الباراكليت paraklet للإشارة إلى المسيح (كما لو كان يبشر بقدوم المسيح) باعتبار أنه الوسيط بين البشر وبين الله.(8) وعندما قال المسيح حسب إنجيل يوحنا: {إن كنتم تحبوننى فاحفظوا وصاياى وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر Another paraklet ليمكث معكم إلى الأبد}.15:14-16 يوحنا لم يكن المسيح يعنى بهذا التعبير الروح القدس، أو يعنى نفسه، بل كان يتحدث عن أن الله سيرسل إلى البشر "وسيطا آخر" كما كان المسيح وسيطا أو رسولا من الله إلى البشر أثناء حياة المسيح مع حوارييه على الأرض... إن ذلك يقودنا بكل المعقولية إلى أن نرى فى "الباراكليت paraklet " عند يوحنا "كائنا بشريا" مثل المسيح، يتمتع بامتلاك حاسة السمع والقدرة على تلقى كلام الله وحيا إلهيا كما يتمتع بملكة القدرة على الكلام لينقل كلام الله إلى الناس، وهما الحاستان اللتان تتضمنهما نصوص إنجيل يوحنا المشار إليها فى هذا الصدد بكل حسم ووضوح.(9)


إن المسيح يصرح بناء على ما سبق بيانه أن الله سيرسل كائنا بشريا يعيش على هذه الأرض ليقوم بأداء الدور الذى وصفه المسيح وأورده إنجيل يوحنا: يخبر الناس بكل شىء عن العقيدة الصحيحة والشريعة التامة ويبقى معهم إلى الأبد، وذلك ببقاء كلام الله متضمنا أسس العقيدة والشريعة بين البشر. إن يوحنا قد وصف دور "المعزى paraklet"باعتبار أنه "دور نبى" يسمع كلام الله ويكرره بأمانة لينقله إلى كل البشر. إن هذا هو التفسير المعقول لتلك النصوص التى أشرنا إليها فى إنجيل يوحنا عندما نعطى للكلمات معناها الحقيقى ولا نحاول صرفها إلى معان أخرى غير معقولة.... أما تفسير "المعزى" باعتبار أنه هو "الروح القدس" استنادا إلى وجود كلمة القدس بدلا من "روح الحق" الموجودة بكل النصوص ما عدا نصا واحدا أشرنا إليه باعتبار أنه هو النص الوحيد الذى يصف الروح بأنه روح القدس، فلا ريب فى أن كلمة "القدس" إنما هى كلمة أضيفت إلى النص ولم تكن فيه أصلا، وذلك عن قصد وتعمد لتعديل المعنى وتحويره وصرفه إلى معنى آخر غير معناه الصحيح المعقول. إن إضافة كلمة "القدس" بجوار كلمة "الروح" إنما هى إضافة متعمدة تهدف إلى تحويل المعنى الصحيح للنص وهو المعنى الذى يعلن عن مجىء نبى بعد المسيح، حتى لا يتصادم النص مع تعاليم الكنيسة المسيحية التى تجعل المسيح هو خاتم الأنبياء ولا نبى بعده.(10)

فصل:
بعد أن انتهى (موريس بوكاى) من عرضه لتلك النبوءة، بقى لنا تعليق على كلمة روح القدس والتى هى محل الخلاف، ولكن بعد عرض تلك الآيات من الإنجيل:

1- {أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم}.1:4 رسالة يوحنا الاولى
2- {نحن من الله فمن يعرف الله يسمع لنا و من ليس من الله لا يسمع لنا من هذا نعرف روح الحق و روح الضلال}.6:4 رسالة يوحنا الاولى
3- {ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد}.26:15 يوحنا
4- {هأنذا أرسل إليكم إيليا النبي قبل مجيء يوم الرب اليوم العظيم و المخوف}.4: 5 ملاخى
5- {مازال عندى أمور كثيرة أقولها لكم، ولكنكم الآن تعجزون عن احتمالها.. ولكن عندما يأتيكم روح الحق يرشدكم إلى الحق كله، لأنه لا يقول شيئاً من عنده، بل يخبركم بما يسمعه ويطلعكم على ما سوف يحدث}.12:16- 13 يوحنا

- إن الناظر فى نصوص الآيتين 2،1 يتضح له دون أى مشقة أو تفكير، أن كلمة روح ، وكلمة روح الحق =كلمة النبى. - والناظر فى نص الآية 3 يجد أن : كلمة المعزى= روح الحق ... ومن ذلك نجد أن: روح الحق= المعزى= النبى. وإذا ربطنا نصوص الآيات 3،2،1 بنص الآية رقم 4 وبالرجوع إلى تفسيرها أعلاه، يتضح لنا دون أدنى شك، أن النبوءة المبشر بها ملاخى هى نفس النبوءة المبشر بها المسيح. وفى الآية الخامسة خلاصة ما سبق، حيث أن روح الحق المعزى النبى الآتى إلى العالم يخبر بالحق كله، ولا يقول شيئاً من عنده، ويطلع الناس على ما سوف يحدث .... وقد تم ذلك الوصف والنبوة فى نبى الإسلام محمد، وذلك من خلال إخباراته بالأحداث والاكتشافات التى حدثت فى عصرنا ولم تكن لتحدث فى زمانه، ولأنه أخبر عن نفسه وأخبر الله عنه فى القرآن، أنه لم يتكلم من عند نفسه بل مما أوحى له به الله. حيث قال الله عن محمد: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ ُوحَى}.
النجم: 3- 4

الفهارس:

1- الكنز الجليل فى تفسير الإنجيل/د. وليم إدى
2- تفسير الكتاب المقدس/ أنطونيوس فكرى
3- المرجع السابق
4- التوراة والإنجيل والقرآن/د. موريس بوكاى – ترجمة على الجوهرى.ص148
5- المرجع السابق
6- المرجع السابق.
7- المرجع السابق
8- المرجع السابق
9- المرجع السابق
10- المرجع السابق

بشارات التوراة برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم.


بشارات التوراة

البشارة الأولى:

- {أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به}.
18:18 التثنية

فى هذا العدد يخبر الله موسى بأنه سيجعل من وسط إخوة بنى إسرائيل نبياً مثله فيكلم الناس بكل ما يوصيه به الله، أى أن هناك نبياً منتظراً وله أوصاف سبق ذكرها فى الآية. وهكذا فَهم المسيحيون وقالوا: "المسيح هو النبى المنتظر "وزادوا" بل هو رب الأنبياء".(1)
ولكن نجد أن البشارة بالنبى تخص محمد وليس المسيح، وحتى لا يكون الكلام من وحى الخيال، أو ادعاءًا كاذباً، أو إعمالاً للنص تبعاً للهوى، فعلينا دراسة النص وتطبيقه عملياً على كل من المسيح ومحمد عليهما الصلاة والسلام... ولنبدأ بالتطبيق:... لقد جاء فى النص أوصاف لهذا النبى المنتظر وهى:


1-من وسط إخوتهم.
2-مثلك.
3- اجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما اوصيه به.

- أما عن الوصف الأول للنبى المنتظر (من وسط إخوتهم)، نجد أن هذا الوصف ينطبق على محمد ولا ينطبق على المسيح، حيث أن كلمة (إخوتهم) تعنى إخوة من؟ إخوة بنى إسرائيل. ومن هم إخوة بنى إسرائيل؟ بنو إسماعيل، وبرهان ذلك فى التوراة إذ قال الله عن إسماعيل: "وأمام جميع إخوته يسكن".21:16 التكوين، وجاء أيضاً: "و أوص الشعب قائلا أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير". 4:2 التثنية

فنفهم من الأعداد أن المراد من (إخوتهم) أبناء العمومة .. فإن أصر أحد وقال: إن المقصود بـ (إخوتهم) بنى إسرائيل. لكان لزاماً أن تأتى الصيغة: من وسطهم وليس من وسط إخوتهم.ونجد ذلك فى القرآن إذ قال الله مخاطباً العرب: {إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.الآية 164 آل عمران وجاء أيضاً: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}.الآية 151 البقرة، وبما أن محمداً من بنى إسماعيل، وهم المعنيين فى الآية، نجد أن النبؤة المذكورة هى للنبى محمد، وسوف يأت الدليل على ذلك من التوراة ذاتها.

- وأما عن الوصف الثانى (مثلك)، نجد أنه ينطبق على محمد ولا ينطبق على المسيح،حيث أن كلمة (مثلك) تعنى مثل موسى. والسؤال: مَن مثل موسى، محمد أم المسيح؟

والجواب يحتاج إلى مقارنة بين موسى والمسيح ومحمد ليتضح أيهما أشبه بموسى.. وها هى أوجه المقارنة :

موسى :- ولد من أب وأم (بشريين) - هو نبى (طبقاً للعقيدة الإسلامية) - مات - يرقد فى قبره - مقبول فى بنى إسرائيل - دعا إلى توحيد الإله - عبد الله - صاحب معجزات - أتى بشريعة جديدة - رعى الأغنام - تزوج وأنجب

محمد :- ولد من أب وأم (بشريين) - هو نبى (طبقاً للعقيدة الإسلامية) - مات - يرقد فى قبره - مقبول لدى العرب - دعا إلى توحيد الإله - عبد الله - صاحب معجزات - أتى بشريعة جديدة - رعى الأغنام - تزوج وأنجب

المسيح :- ولد ا من أم دون أب (بشرى) - هو إله او ابن إله (طبقاً للعقيدة المسيحية) - صُلب المسيح (طبقاً للعقيدة المسيحية) - قام من قبره (طبقاً للعقيدة المسيحية) - إلى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله - دعا إلى عقيدة التثليث (طبقاً للعقيدة المسيحية) - الله و ابن الله (طبقاً للعقيدة المسيحية) - صاحب معجزات - لم يأتِ بشريعة جديدة - لم يرعَ الأغنام - لم يتزوج

وبعد تلك المقارنة نستدل بقول الأب (أنطونيوس فكرى). وهو يحاول إثبات أن النبى المنتظر فى هذه الآية هو المسيح، فيقول: "هذه الآيات هى أوضح ما قيل فى نبوات موسى عن المسيح".، وبعد أن قام بمقارنة بين موسى والمسيح يأتى قوله: "لكن يجب ألا ننسى أن موسى نبى أرسله الله أما المسيح فابن الله، وموسى كان له ضعفاته أما المسيح فلم يكن له خطية، وشفاعة المسيح دائمة أبداً وهى شفاعة كفارية أما شفاعة موسى هى شفاعة توسلية".(2) ،وذلك بالرغم أنه ذكر من أوجه الشبه بين موسى والمسيح أن: "موسى كان نبياً وكذلك المسيح"، فترى التناقض بين إثباته صفة النبوة لكليهما ثم نفيه لها فى المسيح!، وتراه أيضاً يرفض التشابه بينهما فى الخطية وفى الشفاعة!!.

ولعلنا لسنا فى حاجة إلى ما تم ذكره إذا أتينا بما أشرنا إليه سابقا، بنص التوراة ومن ذات السفر –سفر التثنية – لنفى تلك النبوة عن المسيح صراحة، حيث جاء: {ولم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه}. فنحن إن فهمنا أن (من وسط إخوتهم) تعنى: من وسط بنى إسرائيل، فتلك الآية تنفى هذا الفَهم!!.

- وأما عن الوصف الثالث للنبى المنتظر وهو (اجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به)، فالوصف هنا مشترك بين المسيح ومحمد، ولما لا وقد كان كلاً منهما نبياً يُبّلغ ما أَوحَى إليه ربه، وقد جاء فى الإنجيل: {لأني لم أتكلم من نفسي لكن الأب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول و بماذا أتكلم- و أنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية فما أتكلم أنا به فكما قال لي الأب هكذا أتكلم}.49:12-50 يوحنا، وفى المقابل جاء فى القرأن: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى .. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.النجم: 3- 4، وأيضاً حينما طلبوا من محمد أن يبدل من آيات القرآن ما يجعلهم يتبعوه، فقال الله لمحمد: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ.. قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ .. فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ }.يونس: 15- 17

ومن تتبع الآيات التالية من ذات الإصحاح، يجد أن فيها إشارات إلى محمد وما جاء به، فالآيات تقول: {و يكون أن الانسان الذي لا يسمع لكلامي الذي يتكلم به بأسمي أنا أطالبه... و أما النبي الذي يطغي فيتكلم باسمي كلاما لم أوصه أن يتكلم به أو الذي يتكلم باسم ألهة أخرى فيموت ذلك النبي}. 19:18-20 التثنية

ونلاحظ أن الجملة (الذى يتكلم به باسمى) تثبُت فى حق محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن كل سورة فى القرآن بدأت
بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) عدا سورة واحدة من إجمالى 114 سورة، وهى سورة التوبة وذلك لأنها كانت آخر ما نزل على النبى محمد من القرآن، وقد مات دون أن يتبين أصحابه منه: هل هى تكملة لسورة أخرى أم أنها سورة جديدة؟.
وعن وعيد الله لمن يتكلم من الأنبياء من قبل نفسه أو باسم آلهةً أخرى، فيقابله وعيد الله الشديد فى القرآن لذات الأمر، عند قول الله: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ.. لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ.. ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}.الحاقة: 44- 46
وجاء فى تفسير الآية لدى علماء المسلمين: "{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} أي: لو تكلَّف محمد أن يقول علينا ما لم نقله، {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أي: لأخذناه بالقوة والقدرة، {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}: وهو عرق يجري في الظهر حتى يتصل بالقلب، فإذا انقطع بطلت القوى: ومات صاحبه."(3)

البشارة الثانية:

- {وأما إسماعيل فقد سمعت لك فيه ها أنا أباركه و أثمره و أكثره كثيرا جدا اثني عشر رئيسا يلد و أجعله أمة كبيرة}.20:17 التكوين
-{ وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك}.13:21 التكوين
- {قومي احملي الغلام و شدي يدك به لأني سأجعله أمة عظيمة}.18:21التكوين

فإذا كانت تلك الآيات من سفر التكوين؛ تخبر عن الله: أنه سيجعل من نسل إسماعيل أمة كبيرة عظيمة، فعلينا أن نعود بالتاريخ إلى زمن الإخبار بتلك النبوءات حتى يتسنى لنا معرفة مدى صحتها أم لا؟!.

قد جاء فى كتاب (الجواب) أن: "تاريخ البدء فى كتابة الكتاب المقدس يرجع إلى أكثر من 3500 سنة مضت حيث دُعى موسى ليكتب أول الأسفار المقدسة حوالى سنة 1512ق.م.".(4) ، وهذا التاريخ هو تاريخ تدوين الكتاب المقدس وليس تاريخ إخبار الله لإبراهيم وهاجر بتلك البشارة عن ابنهم إسماعيل ونسله، فلعله يزيد على هذا التاريخ بأكثر من 500 سنة هى عدد السنوات بين ولادة اسماعيل وتدوين موسى لأسفار الكتاب المقدس، فإن سار هذا التاريخ إلى أن يمضى بنا حتى بعثة النبى محمد ونُزول الوحى عليه وبدء تبليغه للدعوة المكلف بها من قبل الله، سنجد أن تلك النبوءة لم تكن لتتحقق إلا بمحمد رسول الله، فكم من السنين سبقت محمد حتى زمن إبراهيم، ولم يكن للعرب اسم ولا كيان ولا ذكر وسط الأمم.

وفى هذا المقام يقول العالِم الأمريكى (مايكل هارت) (5): "ولكن الرسول استطاع لأول مرة فى التاريخ، أن يوحد بينهم وأن يملأهم بالإيمان وأن يهديهم جميعاً بالدعوة إلى الإله الواحد، ولذلك استطاعت جيوش المسلمين الصغيرة المؤمنة أن تقوم بأعظم غزوات عرفتها البشرية فاتسعت الأرض تحت أقدام المسلمين من شمالى شبه الجزيرة العربية وشملت الإمبراطورية الفارسية على عهد الساسانيين وإلى الشمال الغربى واكتسحت بيزنطة والإمبراطورية الرومانية الشرقية... وكان العرب أقل بكثير جداً من كل هذه الدول التى غزوها وانتصروا عليها... ورغم ذلك فقد استطاع هؤلاء البدو المؤمنون بالله وكتابه ورسوله، أن يقيموا إمبراطورية واسعة ممتدة من حدود الهند حتى المحيط الأطلسى، وهى أعظم إمبراطورية أقيمت فى التاريخ حتى اليوم... وإذا استعرضنا التاريخ... فإننا نجد أحداثاً كثيرة من الممكن أن تقع دون أبطالها المعروفين.. مثلاً: كان من الممكن أن تستقل مستعمرات أمريكا الجنوبية عن إسبانيا دون أن يتزعم حركاتها الاستقلالية رجل مثل (سيمون بوليفار)..هذا ممكن جداً، على أن يجىء بعد ذلك أى إنسان ويقوم بنفس العمل... ولكن من المستحيل أن يقال ذلك عن البدو...وعن العرب عموماً وعن إمبراطوريتهم الواسعة، دون أن يكون هناك محمد.. وما كان من الممكن أن تتحقق كل هذه الانتصارات الباهرة بغير زعامته وهدايته وإيمان الجميع به".(6)

البشارة الثالثة:

- {فقال جاء الرب من سيناء و أشرق لهم من سعير و تلألأ من جبال فاران و أتى من ربوات القدس و عن يمينه نار شريعة لهم}.2:33 سفر التثنية
يقول الآب (أنطونيوس فكرى) فى تفسير هذه الآية: "جاء الرب من سيناء = يقصد بمجيئه تجلى مجده وظهوره الإلهى فى سيناء عند إعطاء الشريعة المقدسة لشعبه.. وأشرق لهم من سعير وتلألأ من جبال فاران= إن مجد الرب الذى تجلى على جبل سيناء بنار ورعود وبروق وأضواء لامعة وباهرة لم يقتصر ظهوره على جبل سيناء بل انعكست أضواؤه البهية على الجبال القريبة والبعيدة جبل سعير على الجانب الشرقى للعربة شمال شرق سيناء ومن رؤوس جبال سعير جبل هور... وجبل فاران هذا يقع فى جنوب فلسطين وكان يسكنها الإسماعيليين... ولاحظ التسلسل: سيناء حيث اسرائيل (أى نسل يعقوب).. ثم سعير حيث أدوم (أخو يعقوب).. ثم فاران حيث اسماعيل (عم يعقوب)."(7)

ولا خلاف فى أن الله تجلى لموسى عند جبل سيناء، وأيضا نجد أن ساعير= هو جبل في أرض يهوذا وجاء ذكره فى الكتاب المقدس على هذا النحو {وامتد التخم من بعلة غربا الى جبل سعير وعبر إلى جانب جبل يعاريم من الشمال هي كسالون ونزل الى بيت شمس وعبر الى تمنة}.15: 10 يشوع، وفى هذا إشارة إلى المسيح عليه السلام.

ونلاحظ أن الآب (أنطونيوس) أوضح لنا أن جبال فاران هى التى يسكنها الإسماعيليون، وهكذا ورد فى الكتاب المقدس مخبراً عن إسماعيل: {وسكن في برية فاران و أخذت له أمه زوجة من أرض مصر}.21:21 التكوين، والاختلاف فقط: أين تقع فاران هذه؟... فنجد أن اليهود والنصارى يذكورنها فى جنوب فلسطين عند إيلات، ولكنهم يعتبرونها جزء من شبه جزيرة سيناء، وفى هذا القول ما يعارضه فى الآتى:

1- أن الرب بذلك يكون قد مر بساعير فى فلسطين ,, قبل أن يمر بفاران!! فكيف هذا؟ والنص يقول أنه جاء
من سيناء ,, ثم أشرق من ساعير فى فلسطين ,, ثم تلألأ من فاران ,, ثلاثة أماكن مختلفة ومرتبة ترتيباً بحسب الوحى.

2- أنه جاء فى الكتاب المقدس ذِكر المكان الذى كان يقطنه الإسماعيليون: {وسكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو آشور أمام جميع إخوته نزل}.18:25 التكوين وحويلة. حسب قاموس الكتاب المقدس هى: "مقاطعة في بلاد العرب, يسكن بعضها الكوشيون ويسكن البعض الآخر اليقطانيون.. والصلة بين حويلة وحضرموت وأماكن آخرى تشير إلى موقع في وسط البلاد العربية أو جنوبها".(8) ، وشور. أيضاً حسب قاموس الكتاب المقدس هى: "موضع في البرية جنوب فلسطين أو على الأخص جنوب بئر لحي رئي وشرق مصر".(9) فنجد أن الإسماعيليين حسب الآية المذكورة وحسب قاموس الكتاب المقدس: كان مسكنهم ما بين اليمن جنوباً وخليج العقبة شمالاً، وتلك المنطقة تسمى ببلاد الحجاز أو جبال الحجاز، وراجع خريطة شبه الجزيرة العربية.

3- أن برية فاران التى فى سيناء ذُكر فيها: ­ أن موسى وبنى إسرائيل عند خروجهم من مصر نزلوا بها: {وبعد ذلك ارتحل الشعب من حضيروت و نزلوا في برية فاران}16:12 العدد، وقد ورد فى قاموس الكتاب المقدس: {وفي هذه البرية تنقل بنو إسرائيل 38سنة}.(10)

­4- أن داوود قد أقام بها: {وقام داود و نزل إلى برية فاران}.1:25صمويل الاول

­5- أن (هدد الآدومى) خصم سليمان قد نزل بها: {وقاموا من مديان و أتوا إلى فاران و أخذوا معهم رجالا من فاران و أتوا إلى مصر}.18:11 سفر الملوك الاول

ومن تلك الآيات يظهر لنا أن فاران التى أقام بها اسماعيل ونسله ليست فاران الواقعة عند سيناء -وتجد ذلك فى قاموس الكتاب المقدس حين يذكر للكلمة الواحدة أكثر من معنى وأكثر من موضع-، وإلا فكيف يقطن بها الإسماعيليون ويحل عليها أجيال بنى إسرائيل من لدن موسى مروراً بداوود ثم سليمان وخصمه، ولم يكن هناك أى إشارة فى الكتاب المقدس من قريب أو بعيد إلى لقاء تم بينهم، أو إلى إقامة أقاموها سوياً، هذا بجانب أن الله
قال عن إسماعيل ونسله: وأمام جميع إخوته نزل.. ولم يقل: ومع جميع إخوته نزل. وبهذا يتضح من الآية وتفسيرها أن بها إشارات إلى مجد الله فى سيناء حيث موسى، وإشراقه فى ساعير حيث المسيح، وتلألأه وسطوعه فى فاران حيث إسماعيل وذريته، ولا يخفى على أحد أن محمد من نسل إسماعيل... ومثل هذه الآية ورد فى القرآن قول الله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.. وَطُورِ سِينِينَ.. وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ}.التين: 1- 3... وتفسيرها عند علماء المسلمين: "هذه مَحَالٌّ ثلاثة، بعث الله في كل واحد منها نبيًا مرسلا من أولي العزم، فالأول: محلة التين والزيتون، وهي بيت المقدس التي بعث الله فيها عيسى ابن مريم. والثاني: طور سينين، وهو طور سيناء الذي كلم الله عليه موسى بن عمران. والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا، وهو الذي أرسل فيه محمدا صلى الله عليه وسلم".(11)

البشارة الرابعة:


- {هو ذا عبدي الذي اعضده مختاري الذي سرت به نفسي وضعت روحي عليه فيخرج الحق للأمم}42 :1 أشعياء
فى تلك الآية إشارة واضحة لنبى مرسل من قبل الله، ولكن السؤال يكمن فى: من هذا النبى؟
وسوف ندع الجواب للقمص (أنطونيوس فكرى)، حيث يقول: "هوذا عبدى= فالمسيح أخذ شكل العبد وغسل الأقدام، بل قبل الإهانة من عبد رئيس الكهنة الذى لطمه. مختارى= المسيح هو الوحيد الذى يستحق هذا اللقب فهو قد قدم الكمال للإنسانية فأشبع رغبة السماء فى كمال الإنسان".(12)
وبعد أن اطلعنا على شرح الآية من القمص، نرى أنه قد حمّلَها ما لم تكن تَطيق، إذ ادعى للمسيح أنه عبد الله المختار، وكلنا يعلم علم اليقين أن المسيح فى العقيدة النصرانية: إله أو ابن إله، ولم تأتِ آية واحدة فى الإنجيل بأكمله تذكر أو تشير إلى أن المسيح عبد الله ، وكيف يكون المسيح إله وعبد لله فى آنٍ واحد!، أما من جهة أنه المختار، فنرى أن المسيح إذ تمثل فى هيئة بشر كما فى العقيدة النصرانية، ما كان مختاراً من قبل أحد، ولكن إلها فى هيئة ناسوت، وقد جاء فى إنجيل لوقا: {فليخلص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله}.35:23 لوقا، وفى هذا الموضع ينفى الشعب عن المسيح وصف المختار مستدلين على ذلك: بعدم استطاعته خلاص نفسه، وهنا فقط الإشارة الوحيدة فى الإنجيل لوصف المختار.

أما اذا طبقنا البشارة على النبى محمد فإننا سنجد أن محمد ذكر فى القرآن بصفة العبد فى كثير من الآيات، نذكر منها قول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}. البقرة: 23

أما عن أنه مختار الله فقد قال النبى محمد صلى الله عليه وسلم مخبراً عن نفسه: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِى هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ".(13)

وأما عن روح الله، فجاء قول الله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ... عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ..}.الشعراء: 193- 194 وقوله تعالى: {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا}.النحل: 102

وعن الحق الذى سيخرجه للأمم، فقد ورد فى باب القرآن: كيف أن القرآن أتى ببراهين على أنه الحق من الله، واطلعنا على ما أقره علماء الغرب من غير المسلمين عن صحة نبوءات وإخبارات القرآن، مما دعا العديد منهم بأن يدخل فى الإسلام عن طواعية واقتناع تام.

- ولكى يتم التأكيد على أن النبى المشار إليه فى الآية هو النبى محمد، علينا أن نأتى بما جاء بعدها فى نفس الإصحاح، حيث جاء: {أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهدا للشعب ونورا للأمم}.6:42 أشعياء

فأما عن حفظ الله للنبى المرسل، فلم يكن المسيح محفوظاً من يد أعدائه، بل تمكنوا منه وصلبوه كما فى العقيدة النصرانية، ولكن اختلف الأمر بالنسبة لمحمد r، فقد حفظه الله من كيد أعدائه، ومنعه منهم طيلة حياته ولم يتوفاه الله حتى أتم ما أمره الله به فقال الله تعالى فى هذا الشأن: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.المائدة: 67... وتأتى إشارة الله إلى النور الآتى به هذا النبى فى قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}.الحديد:9 ... وقوله أيضا فى القرآن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا.. وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}.الأحزاب: 45- 46

وإذا لاحظنا آيات القرآن نجدها لا تخُرج محمدًا عن وصف نبى لله وعبد لله، وهو ما جاء فى شارة أشعياء السابق ذكرها عن النبى المرسل، حيث أنها لم تأتِ بإشارة من قريب أو بعيد عن أنه ابن إله أو إله.

البشارة الخامسة:

-{ لترفع البرية و مدنها صوتها الديار التي سكنها قيدار لتترنم سكان سالع من رؤوس الجبال ليهتفوا...ليعطوا الرب مجدا و يخبروا بتسبيحه في الجزائر...الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على اعدائه.}42 : 11- 13 اشعياء

ففى هذه الآية وفى لفظ قيدار بالأخص أقوى إشارة إلى أن النبى المبشر به هو النبى محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أن: "قيدار= اسم سامي معناه (قدير أو أسود) وهو ابن إسماعيل الثاني (تك 25: 13). وهو أب لأشهر قبائل العرب وتسمى بلادهم أيضاً قيدار".(14) وهى مكة، وإلا فلِمَ يأتى لفظ قيدار وديارهم هنا بالأخص وما مناسبة ذكره فى الآية، فضلاً عن كل شخصيات وأماكن الكتاب المقدس... هذا بجانب أن سَالِع أو سِلَع هو جبل بقرب المدينة المنورة و أيضا جبل فى بلاد الأردن، فأما عنه وعن سكانه وترنمهم وهتافهم، فلا ينطبق إلا على سَالِع أو سِلَع الواقع فى المدينة وذلك لأمران... أولهما: أن لا علاقة لسالع الأردن بقيدار وديارهم، بل الأولى سالع المدينة. ثانيهما: أنه لم يكن هتافاً ولا ترنماً بسالع الأردن، بل الترنم والهتاف يكون برفع الآذان والتكبير والتهليل فى الحج لدى المسلمين، وأيضاً لأن سَالِع أو سِلَع كان سبباً فى انتصار المسلمين على أعدائهم فى غزوة الأحزاب (الخندق) وقد اجتمعوا عدداً وعُدة لقطع شأفة المسلمين... وهذا ما جاء فى البشارة (الرب كالجبار يخرج كرجل حروب ينهض غيرته يهتف و يصرخ و يقوى على اعدائه).

هذا بجانب تلك البشارة الخاتمة، حيث جاء فى سفر أشعياء{ وحي من جهة بلاد العرب في الوعر في بلاد العرب تبيتين يا قوافل الددانيين... هاتوا ماء لملاقاة العطشان يا سكان ارض تيماء و افوا الهارب بخبزه}21: 13- 14 أشعياء.، وهذا إخبار بوحى يأتى من جهة بلاد العرب، وتيماء حسب قاموس الكتاب المقدس والتى تسقى العطشى_إشارة إلى سقاية الحجيج- هى: "قبيلة اسماعيلية تسلسلت من تيما فكانت تقطن بلاد العرب"(15).، والددان حسب القاموس ذاته: " وكانت دَدان التي تقع بقرب تيماء مركزاً للتجارة في الجزيرة العربية. واسمها الحديث (العُلا) في وادي القرى في شمال الحجاز".(16)

فلعله ليس من قبيل الصدفة -فى الكتاب المقدس- عند الإشارة إلى النبى القادم أن تكون الآيات المبشرة به تشير إلى إسماعيل وذريته!، فى أكثر من موضع وبأكثر من صورة، وهذا لم يكن افتراءاً على الآيات، ولكن حقيقة ظاهرة فى آيات البشارة السابق ذِكرها، فإن أتينا بالآيات إلى جانب بعضها مع اختلاف مواضعها وأزمنتها فى الكتاب المقدس، سوف يكون الأمر واضح وجلي... وحى من جهة بلاد العرب، ماء لملاقاة العطشان، تيماء، ددان، قيدار وديارهم، سالع وسكنهم، هتافهم وترنمهم، النصرة على الأعداء، جبال فاران!!!

الفهارس :
1- تفسير الآب/ أنطونيوس فكرى للكتاب المقدس
2-تفسير الكتاب المقدس للآب/أنطونيوس فكرى
3- زاد المسير/ابن الجوزى
4-الجواب/جمعية الخدمة المسيحية العملية.ص7
5- ...عالم فلكى رياضى، وباحث فى التاريخ، يعمل فى هيئة الفضاء الأمريكية.
6- كتاب الخالدون مائة أعظمهم (محمد رسول الله) /ترجمة أنيس منصور.ص15،16،18عن كتاب (المائة: تقويم لأعظم الناس أثراً فى التاريخ/ مايكل هارت).
7- تفسير الكتاب المقدس للآب/أنطونيوس فكرى
9- المرجع السابق.
10- المرجع السابق.
11- تفسير بن كثير.
12- تفسير الكتاب المقدس/ أنطونيوس فكرى.
13- صحيح مسلم.
14- http://www.albishara.org/
15- المرجع السابق.
16- المرجع السابق.