القتال فى الإسلام
إذا كان الجهاد –فى الإسلام– أعم من القتال... وكان القتال هو الجانب العنيف من الجهاد، وليس كل الجهاد.. فالقتال -فى الإسلام- هو الاستثناء الذى لا يجوز اللجوء إليه إلا لمدافعة الذين يفتنون المسلمين فى دينهم... أو يخرجونهم من ديارهم... ولقد كان منهاج الدعوة الإسلامية هو التجسيد لهذا المنهاج... ففى البداية... وبعدما تعرض له المسلمون من أذى فى عقيدتهم وأنفسهم وأموالهم وأهليهم، وفتنة عن دينهم، واضطهاد تصاعد حتى اقتلعهم من وطنهم –مكة– وجعلهم يهاجرون إلى يثرب (المدينة) -بعد هجرة العديد منهم إلى الحبشة- أذن الله -مجرد إذن- للمؤمنين فى القتال... فالإخراج من الديار، والفتنة فى الدين والاضطهاد والتعذيب، كل هذا كان سبباً فى تشريع القتال والإذن به، وذلك فى قول الله: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ.. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}. [الحج: 39- 40 ]
وعندما تطور الحال من "الإذن" فى القتال إلى "الأمر" به، جاء القرآن ليضع الإخراج من الديار سبباً لهذا الأمر بالقتال، فقال الله:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ.. فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [ النحل: 125- 128]
فهو قتال دفاعى، ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم، وفتنوهم فى دينهم، لتحرير الوطن الذى سلبه المشركون من المسلمين {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}.، ذلك لأن منهاج الشريعة الإسلامية فى الدعوة إلى الله وإلى دينه ليس القتال، وإنما هو الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.. وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}. [ البقرة: 190- 192].
بل لقد تميز الإسلام -فى هذا الميدان- برفضه فلسفة "الصراع" لأنه يؤدى إلى أن يصرع القوى الضعيف، وأحل محلها فلسفة "التدافع" الذى هو حراك يعدّل المواقف ويعيد التوازن والعدل وذلك فى قول الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.[ فصلت: 33- 35]... كذلك يرفض الإسلام الفلسفات التى اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان، وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه.. وقرر أن القتال هو الاستثناء المكروه، وليس القاعدة... وذلك فى قول الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}. [البقرة: 216] ، وليس هناك ما شرعه الله للمسلمين ووصفه أنه "كُرْه" سوى القتال!... ولما لا وقد قال الله: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.[المائدة: 32]... ولقد بينت أحاديث النبى محمد r -وأكدت– هذه الفلسفة الإسلامية إزاء القتال، فقال رسول الله:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ".(1) ... وحتى هذا القتال –الذى كُتب على المسلمين وهو كُره لهم– والذى وقف به الإسلام ودولته عند حدود القتال الدفاعى لحماية حرية العقيدة، وحرية الدعوة من الفتنة –التى هى أكبر من القتل المادى–، ولحماية حرية الوطن –الذى بدونه لا يُقام الإسلام-... حتى هذا القتال -الاستثناء والضرورة– قد وضع الإسلام ودولته له "دستوراً أخلاقياً" تجاوز فى سُموَّه كل المواثيق الدولية التى تعارف عليها المجتمع الدولى نظرياً، بعد أربعة عشر قرناً من ظهور الإسلام، وتطبيق المسلمين لقواعد الدستور الأخلاقى لهذا القتال.
وهذا الدستور الأخلاقى يتمثل فى ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنه إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ -أَوْ خِلاَلٍ- فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ".(2)، وتلك الخصال الثلاث هى: دعوتهم إلى الإسلام مع حفظ الأرواح والممتلكات، أو دفع الجزية مقابل حمايتهم، أو القتال.(3)
وقد صاغ أبو بكر الصديق -الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم- قواعد هذا الدستور الأخلاقى للقتال والحرب، فى وثيقة إسلامية، عندما أوصى قائد جيشه يزيد بن أبى سفيان (18 هـ/ 639 م) وهو يودعه أميراً على الجيش الذاهب لرد عدوان البيزنطيين فى الشام، فقال -فى وثيقة الوصايا العشر-: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم لله –الرهبان- فدعهم وما زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم له... وإنى موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيّاً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة، ولا بعيراً إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن".(4)
فكانت هذه -"وثيقة الوصايا العشر"- دستور الآداب الإسلامية وأخلاقيات القتال، عندما يُفرض على المسلمين القتال.(5)
وفى هذا الصدد نذكر ما جاء بسفر التثنية من التوراة؛ حين جاء: {حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح.. فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك.. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها.. واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف.. واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك}.[10:20- 14 التثنية]، يقول القمص (تادرس يعقوب المالطى) (6) شارحاً تلك الآيات: "بالنسبة للأمم البعيدة يرسل إليهم لإقامة عهود سلام، لا يجوز لهم أن ينزلوا فى معركة مع الجيران ما لم يقدموا أولاً إعلاناً عاماً، يطلبون فيه الصلح... حيث تكون شروط الصلح هى:
وعندما تطور الحال من "الإذن" فى القتال إلى "الأمر" به، جاء القرآن ليضع الإخراج من الديار سبباً لهذا الأمر بالقتال، فقال الله:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ.. فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. [ النحل: 125- 128]
فهو قتال دفاعى، ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم، وفتنوهم فى دينهم، لتحرير الوطن الذى سلبه المشركون من المسلمين {وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ}.، ذلك لأن منهاج الشريعة الإسلامية فى الدعوة إلى الله وإلى دينه ليس القتال، وإنما هو الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ.. وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ.. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ.. إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}. [ البقرة: 190- 192].
بل لقد تميز الإسلام -فى هذا الميدان- برفضه فلسفة "الصراع" لأنه يؤدى إلى أن يصرع القوى الضعيف، وأحل محلها فلسفة "التدافع" الذى هو حراك يعدّل المواقف ويعيد التوازن والعدل وذلك فى قول الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.. وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.[ فصلت: 33- 35]... كذلك يرفض الإسلام الفلسفات التى اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان، وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه.. وقرر أن القتال هو الاستثناء المكروه، وليس القاعدة... وذلك فى قول الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}. [البقرة: 216] ، وليس هناك ما شرعه الله للمسلمين ووصفه أنه "كُرْه" سوى القتال!... ولما لا وقد قال الله: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.[المائدة: 32]... ولقد بينت أحاديث النبى محمد r -وأكدت– هذه الفلسفة الإسلامية إزاء القتال، فقال رسول الله:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا ".(1) ... وحتى هذا القتال –الذى كُتب على المسلمين وهو كُره لهم– والذى وقف به الإسلام ودولته عند حدود القتال الدفاعى لحماية حرية العقيدة، وحرية الدعوة من الفتنة –التى هى أكبر من القتل المادى–، ولحماية حرية الوطن –الذى بدونه لا يُقام الإسلام-... حتى هذا القتال -الاستثناء والضرورة– قد وضع الإسلام ودولته له "دستوراً أخلاقياً" تجاوز فى سُموَّه كل المواثيق الدولية التى تعارف عليها المجتمع الدولى نظرياً، بعد أربعة عشر قرناً من ظهور الإسلام، وتطبيق المسلمين لقواعد الدستور الأخلاقى لهذا القتال.
وهذا الدستور الأخلاقى يتمثل فى ما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنه إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِى خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ: اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَ لاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمْثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ -أَوْ خِلاَلٍ- فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ".(2)، وتلك الخصال الثلاث هى: دعوتهم إلى الإسلام مع حفظ الأرواح والممتلكات، أو دفع الجزية مقابل حمايتهم، أو القتال.(3)
وقد صاغ أبو بكر الصديق -الخليفة الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم- قواعد هذا الدستور الأخلاقى للقتال والحرب، فى وثيقة إسلامية، عندما أوصى قائد جيشه يزيد بن أبى سفيان (18 هـ/ 639 م) وهو يودعه أميراً على الجيش الذاهب لرد عدوان البيزنطيين فى الشام، فقال -فى وثيقة الوصايا العشر-: "إنك ستجد قوماً زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم لله –الرهبان- فدعهم وما زعموا أنهم حَبسوا أنفسهم له... وإنى موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيّاً، ولا كبيراً هرماً، ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن عامراً، ولا تعقرن شاة، ولا بعيراً إلا لمأكله، ولا تحرقن نخلاً، ولا تفرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن".(4)
فكانت هذه -"وثيقة الوصايا العشر"- دستور الآداب الإسلامية وأخلاقيات القتال، عندما يُفرض على المسلمين القتال.(5)
وفى هذا الصدد نذكر ما جاء بسفر التثنية من التوراة؛ حين جاء: {حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح.. فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك.. وان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها.. واذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف.. واما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتاكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك}.[10:20- 14 التثنية]، يقول القمص (تادرس يعقوب المالطى) (6) شارحاً تلك الآيات: "بالنسبة للأمم البعيدة يرسل إليهم لإقامة عهود سلام، لا يجوز لهم أن ينزلوا فى معركة مع الجيران ما لم يقدموا أولاً إعلاناً عاماً، يطلبون فيه الصلح... حيث تكون شروط الصلح هى:
1-جحد العبادة الوثنية، والدخول إلى عبادة الله الحى.
2- الخضوع لليهود.
3-دفع جزية سنوية.
ومن لا يقبل هذه الشروط لا يبقون فى مدينتهم كائناً حياً متى كانت من الأمم السبع الكنعانية، أما إذا كانت من المدن المجاورة فيقتل الرجال ويستبقى النساء والأطفال مع الحيوانات وكل غنائمها. أما سبب التمييز فهو ألا يترك أى أثر فى وسط الشعب للعبادة الوثنية".(7)
وهذا نص واحد يسوق لنا كيف يتم فتح المدن ، وإنى لم أسوق إليكم عشرات النصوص التى ذكر فيه القتال فى الكتاب المقدس ، وكيف أنه كان هناك أمر من الله بالدمار الشامل للمدن ومن فيها، أطفال وشيوخ ونساء ورجال ، حتى الحيوانات لم تسلم من الأمر بإبادتها!!! ولعل من أراد أن يقرأ جزء من تلك النصوص فليراجع ( سفر يشوع من الإصحاح السادس إلى الحادى عشر).. !!
ولعل الفرق واضح تماماً بين ما يدعو إليه الإسلام وما يدعو إليه ما سواه.
الفهارس
1- متفق عليه.
2- مسلم
3- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
4- رواه البيهقى فى السنن الكبرى.
5- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
6-...كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس والأنبا أنطونيوس-أتاوا-كندا.
7- تفسير سفر التثنية.ص408/القمص تادرس يعقوب المالطى
2- مسلم
3- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
4- رواه البيهقى فى السنن الكبرى.
5- هذا هو الإسلام ج2 ص 64
6-...كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس والأنبا أنطونيوس-أتاوا-كندا.
7- تفسير سفر التثنية.ص408/القمص تادرس يعقوب المالطى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق